يشهد الاقتصاد التركي نموا متزيدا بسبب الاستقرار السياسي والإصلاحات التي تجريها حكومة العدالة والتنمية، فقد سجل الاقتصاد التركي نموا بنسبة 11.7 في المئة في الربع الأول من العام الحالي، حسبما أظهرت البيانات الرسمية التركية أخيرا، مما يعزز الآمال بوصول النمو السنوي إلى ضعف الهدف الحكومي.
يعتبر هذا النمو، الفصل الثاني على التوالي الذي يحقق فيه الاقتصاد التركي نموا، بما ينسجم مع توقعات السوق بارتفاعه. وصرح وزير الصناعة والتجارة نيهات ايرغون لتلفزيون "إن تي في" أن ارتفاع إجمالي الناتج المحلي، تدعمه مؤشرات اقتصادية مهمة أخرى، تدل على "انتعاش ثابت للاقتصاد من الأزمة". غير أنه قال إن الحكومة تتوقع أن يتباطأ النمو خلال الأشهر المقبلة بحيث لا يتجاوز ما بين 6 و8 في المئة في الفصل الثاني من العام.
يعتبر هذا النمو، الفصل الثاني على التوالي الذي يحقق فيه الاقتصاد التركي نموا، بما ينسجم مع توقعات السوق بارتفاعه. وصرح وزير الصناعة والتجارة نيهات ايرغون لتلفزيون "إن تي في" أن ارتفاع إجمالي الناتج المحلي، تدعمه مؤشرات اقتصادية مهمة أخرى، تدل على "انتعاش ثابت للاقتصاد من الأزمة". غير أنه قال إن الحكومة تتوقع أن يتباطأ النمو خلال الأشهر المقبلة بحيث لا يتجاوز ما بين 6 و8 في المئة في الفصل الثاني من العام.
يشهد الاقتصاد التركي نموا متزيدا بسبب الاستقرار السياسي والإصلاحات التي تجريها حكومة العدالة والتنمية، فقد سجل الاقتصاد التركي نموا بنسبة 11.7 في المئة في الربع الأول من العام الحالي، حسبما أظهرت البيانات الرسمية التركية أخيرا، مما يعزز الآمال بوصول النمو السنوي إلى ضعف الهدف الحكومي.
يعتبر هذا النمو، الفصل الثاني على التوالي الذي يحقق فيه الاقتصاد التركي نموا، بما ينسجم مع توقعات السوق بارتفاعه. وصرح وزير الصناعة والتجارة نيهات ايرغون لتلفزيون "إن تي في" أن ارتفاع إجمالي الناتج المحلي، تدعمه مؤشرات اقتصادية مهمة أخرى، تدل على "انتعاش ثابت للاقتصاد من الأزمة". غير أنه قال إن الحكومة تتوقع أن يتباطأ النمو خلال الأشهر المقبلة بحيث لا يتجاوز ما بين 6 و8 في المئة في الفصل الثاني من العام. وعلى أية حال يضع هذا النمو الاقتصادي في مقدمة دول العالم الدول الثلاث الصين والهند وتركيا. وهذا ما أشار إليه وزير الصناعة والتجارة التركي بقوله "إن السلطات تتوقع "نمو الاقتصاد التركي بنسبة 6.8 في المئة خلال عام 2010 ليصبح واحدا من أسرع الاقتصادات نموا بعد الصين والهند خاصة في المنطقة .. وهذه تقديرات واقعية".
ويأتي هذا النمو متجاوزا حتى توقعات الحكومة التركية، التي كانت قد حددت هدفها للنمو خلال عام 2010 بما لا يتعدى 3.5 في المئة، إلا أن مسؤولين قالوا إنه تم تجاوز هذه النسبة بكثير. وكان إجمالي الناتج المحلي قد سجل انخفاضا كبيرا بنسبة 14.7 في المئة في الربع الأول من العام الماضي عندما دخلت تركيا في ركود شديد وسط الأزمة المالية العالمية. ولكن الانتعاش الاقتصادي بدأ في الربع الأخير من عام 2009 حيث ارتفع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 6 في المئة بعد فترة انكماش استمرت عاما ماليا، مما تسبب في انخفاض نمو الاقتصاد بنسبة 4.7 في المئة العام الماضي. وارتفع الناتج الصناعي بنسبة 17 في المئة في أبريل في خامس زيادة متتالية.
ويعد هذا النمو الاقتصادي إنجازا مهما بالنسبة لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذي يواجه انتخابات عامة عام 2011 سيخوضها حزبه المنبثق من التيار الإسلامي ضد المعارضة للفوز بولاية ثالثة على التوالي. غير أن البطالة لا تزال تمثل تحديا كبيرا للحكومة، فقد بلغت نسبتها 13.7 في المئة في أبريل بينما بلغت نسبة البطالة بين الشباب 24.6 في المئة.
ولا بد من الإشارة إلى النمو الاقتصادي في عهد "العدالة والتنمية" الذي فاز في الانتخابات البرلمانية لعام 2002 وفي الانتخابات النيابية 2007، مما جعل تركيا تحتل المرتبة رقم 16 في الاقتصاد العالمي، يأتي ذلك بسبب الاستقرار والانفتاح على دول الجوار وفقا لنظرية وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو "تصفير المشكلات مع دول الجوار"، مما فتح المجال للتجارة مع الجوار الجغرافي لها في آسيا الوسطى والشرق الأوسط وحوض البحر الأوسط وإفريقيا والعالم العربي، بل تحتل تركيا في عهد حزب العدالة والتنمية المرتبة رقم 8 في الاقتصاد الزراعي العالمي، بعد أن كانت في المرتبة رقم 11 قبل مجيء "العدالة والتنمية" للحكم وتصدر المنتجات الزراعية التركية لأكثر من 177 دولة في العالم. وتحتل تركيا في صناعة الفولاذ المرتبة رقم 30، مما يعطي تركيا مكانة اقتصادية وسياسية في العالم اليوم.
إن النمو الاقتصادي والمكانة التي تحتلها تركيا اليوم جعلت الرئيس الأمريكي باراك أوباما يشيد بأهمية ودور تركيا الجيواستراتيجي والاقتصادي، ففي مقابلة لأوباما مع صحيفة " كويييرا ديلا سييرا" الإيطالية قال الرئيس الأمريكي "تركيا تتمتع بأهمية استراتيجية ضخمة، ولطالما كانت تقاطعا بين الشرق والغرب، تركيا حليفة في الناتو، واقتصادها يشهد ازدهارا كبيرا".
ولكن الشيء المؤكد أن محاربة الفساد والاهتمام بقطاعات البلاد المختلفة والتنمية في الريف والمدن أسهمت في هذا التقدم، خاصة أن رئيس الوزراء التركي الحالي رجب طيب أردوغان، أثبت قدرة فائقة على محاربة الفساد والنهوض ببلدية إسطنبول وأن يتوافر للبلدية فائض مالي بسبب إدارة شعارها الإرادة والإخلاص وفريق حكومي متجانس يشعر بمشكلات الشعب بمختلف قطاعاته.
وقد أعلن وزير التجارة الخارجية التركي، ظافر كاجلايان، في شهر يونيو الماضي، أثناء افتتاح معرض دول الشرق الأوسط ودول الجوار الذي عقد في غازيأنتيب في جنوب شرق تركيا، إن بلاده تهدف إلى زيادة حجم التجارة الخارجية إلى تريليون دولار أمريكي مع عام 2023، وأضاف "إننا نرغب في أن نعمل ذلك مع جيراننا وأصدقائنا وخاصة الدول الإسلامية".
وكانت تركيا قد ألغت تأشيرة الدخول لرعايا الدول المجاورة، مثل لبنان وسوريا والأردن، وأيضا ليبيا، وقد تزايد حجم المبادلات التجارية بين تركيا والدول العربية بما يفوق الضعف خلال السنوات الخمس الأخيرة، حيث بلغ ما يقرب من ثلاثين مليار دولار سنوياً، إلا أنه يظل رقماً صغيراً بالقياس إلى حجم المبادلات التجارية مع بلدان الاتحاد الأوروبي.
إن إحدى سمات السياسة الخارجية الجديدة التي يقودها حزب العدالة والتنمية الحاكم هي كون هذه السياسة مدفوعة إلى حد كبير بالمصالح الاقتصادية والتجارية. ونلاحظ أن رئيس الحكومة التركية يصطحب معه في رحلاته الدولية الكثيرة، أعداداً كبيرة من رجال الأعمال الأتراك. ولذا، فإن الإعلان عن تشكيل منطقة للتجارة الحرة والسفر الحر تشمل علاوة على تركيا كلاً من سورية ولبنان والأردن يتواءم مع هذا التوجه. كما أن حجم التجارة التركية مع إيران مرشح للتزايد، فقد كانت إيران عاشر أكبر شريك تجاري لتركيا في عام 2009 حيث بلغ حجم التبادل التجاري 5.4 مليار دولار، وهو ما يصل إلى اثنين في المائة من إجمالي التجارة الخارجية التركية. وبالمقارنة بلغ حجم التجارة بين تركيا والاتحاد الأوروبي أكبر وجهاتها التصديرية 103.5 مليار دولار العام الماضي. وبلغ حجم التجارة التركية مع إسرائيل نحو 2.6 مليار دولار. وصدرت تركيا سلعاً قيمتها 2.025 مليار دولار للجمهورية الإسلامية في عام 2009 بزيادة بأكثر من 500 في المائة مقارنة بـ 334 مليون دولار في عام 2002 حين تولى حزب العدالة والتنمية الذي يقوده رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الحكم للمرة الأولى. وفي ظل حكم حزب العدالة والتنمية حقق الاقتصاد التركي نمواً قياسياً، وأصبحت إيران سوقاً تصديرية جذابة لمن يطلق عليهم نمور الأناضول. ومن المنتظر في عام 2010 أن تحتل إيران المركز 12 بين أكبر مستوردي السلع التركية بعد أن كانت تحتل المركز 17 في عام 2005 . إن معظم الصادرات من قطاعات السيارات والآلات والكيماويات والملابس، خاصة من شركات صغيرة ومتوسطة الحجم. واقترحت تركيا وإيران في عام 2007 تصنيع سيارة مشتركة مع ماليزيا لكن لم يسمع شيء يذكر عن هذا المشروع منذ ذلك الحين.
ومما يجدر ذكره، أن صادرات تركيا أقل بكثير مقارنة بـصادرات إيران ومعظمها من الغاز. وصدرت الجمهورية الإسلامية سلعاً قيمتها 8.2 مليار دولار لتركيا في عام 2008. لكن انخفاض أسعار الوقود، وتباطؤ النشاط الاقتصادي تسبباً في تراجع هذا المبلغ إلى 3.4 مليار دولار العام الماضي. كما تعد تركيا طريق عبور رئيسيا للسلع بين الاتحاد الأوروبي وإيران، وحتى مع دول مثل بريطانيا عضو الاتحاد الأوروبي، ففي زيارة وزير الخارجية التركي إلى العاصمة البريطانية في مطلع شهر يوليو الماضي صرح الوزير التركي بأن بريطانيا وتركيا تريدان مضاعفة التجارة البينية إلى 20 مليار دولار سنويا في السنوات المقبلة. وأكد أوغلو، في مؤتمر صحافي عقب محادثات مع وزير الخارجية البريطاني وليام هيج "بلغت التجارة الخارجية بين تركيا وبريطانيا نحو 13 مليار دولار في 2008. وتراجعت في 2009 إلى تسعة مليارات دولار". وتابع قائلا "ناقشنا كيف يمكن تعزيزها مجددا .. ليس إلى 13 مليار دولار بل إلى 20 مليار دولار في السنوات المقبلة لأننا نملك هذه الإمكانية. الاقتصاد التركي ينمو بوتيرة سريعة جدا".
اهتمام تركي بالمصارف الإسلامية
الدولة التركية لها تاريخ عريق، رغم سياسة أتاتورك في تغريب المجتمع التركي بعد إلغاء الخلافة الإسلامية عام 1923، فالإسلام متأصل في نفوس الشعب التركي الذي يشكل المسلمون فيه 99 في المئة، ورغم تبني النظام الغربي، فقد تبنى تورغوت أوزال عندما تولى رئاسة الوزارة التركية 1983، سياسة الانفتاح الاقتصادي ووجدت التيارات والجماعات الإسلامية في عهده متنفسا لممارسة نشاطها الدعوي وفي مجال الاستثمار الاقتصادي، فقد صدر في عهد أوزال قانون البنوك الإسلامية، وتمكن الإسلاميون في تركيا من دخول عالم المال والمشروعات الضخمة، حيث تأسس بنك البركة التركي وبنك فيصل فيننانس السعودي والبنك التركي الكويتي، وهو ما عزز من النفوذ المالي والتمويلي للحركات الإسلامية، فأقامت عديدا من المشروعات الصناعية والتجارية واستطاعت النفاذ إلى العالم العربي والإسلامي.
إن القطاع المالي الإسلامي الذي يعرف في تركيا ببنوك المشاركة تجاوزت مدخراتها 25 مليار دولار بعد أن كانت 85 مليار دولار، ويتوقع أن تشكل مدخراتها 10 في المئة من مدخرات رؤوس أموال البنوك التركية. ويصل عدد المصارف الاسلامية في تركيا إلى خمسة بنوك بعد أن فتح بنك دبي الإسلامي فرعا في إسطنبول، وحسب تقرير رابطة البنوك المشاركة التي تضم أربعة بنوك، قدرت أرباح هذه البنوك لعام 2009 بـ 470 مليار دولار. وهذه البنوك: البركة albaraka، وبنك آسيا Asya والبنك الكويتي التركي Kuveyt-Turk وتركيا فايننس Turkiye-Finans.
وقد أشاد رئيس البنك المركزي التركي دورميش يلماظ بالتجربة المصرفية التركية خلال افتتاح المؤتمر الخامس للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية بدمشق، موضحاً أن المؤسسات المالية الإسلامية في تركيا مندمجة في القطاع المصرفي التقليدي وهي جزء لا يتجزأ من القطاع المالي في تركيا، مؤكداً حرص بلاده على تبادل الخبرات مع الدول الأخرى بهدف الاستفادة منها لتطوير عمل المصارف الإسلامية وتنويع خدماتها وتوسيع انتشارها في دول العالم. وأشار السيد يلماظ إلى أنه رغم المصاعب التي أفرزتها الأزمة المالية العالمية فإن الصيرفة الإسلامية ازدادت انتشاراً بسبب الركائز والأسس القوية التي تستند إليها، ولا تزال قادرة على المنافسة وعلى لعب دور فاعل في النظام المصرفي العالمي حيث استطاعت جذب كثير من الجهات العالمية للمشاركة في هذه التجربة المصرفية. وأكد يلماظ ضرورة بذل مزيد من الجهود لزيادة معاملات رأس المال في المصارف الإسلامية والعمل على تطوير قاعدة الزبائن وتعزيز الإطار الرقابي في المؤسسات المالية الإسلامية لجهة إيجاد شبكة أمان ونظم تأمين جديدة.
ومما يؤكد اهتمام تركيا بالمصارف الإسلامية والإقبال الشعبي عليها أن عدد فروعها وصل عام 2009 إلى 560 فرعا وتوظف فيها 11802 موظف، وهذه خطوة إيجابية في دولة كانت تهيمن عليها المؤسسة العسكرية وعلمانية مستغربة متطرفة، ويتوقع أن يزيد عدد الفروع في السنوات المقبلة كما أشار تقرير رابطة البنوك المشاركة PBAT.
يعتبر هذا النمو، الفصل الثاني على التوالي الذي يحقق فيه الاقتصاد التركي نموا، بما ينسجم مع توقعات السوق بارتفاعه. وصرح وزير الصناعة والتجارة نيهات ايرغون لتلفزيون "إن تي في" أن ارتفاع إجمالي الناتج المحلي، تدعمه مؤشرات اقتصادية مهمة أخرى، تدل على "انتعاش ثابت للاقتصاد من الأزمة". غير أنه قال إن الحكومة تتوقع أن يتباطأ النمو خلال الأشهر المقبلة بحيث لا يتجاوز ما بين 6 و8 في المئة في الفصل الثاني من العام. وعلى أية حال يضع هذا النمو الاقتصادي في مقدمة دول العالم الدول الثلاث الصين والهند وتركيا. وهذا ما أشار إليه وزير الصناعة والتجارة التركي بقوله "إن السلطات تتوقع "نمو الاقتصاد التركي بنسبة 6.8 في المئة خلال عام 2010 ليصبح واحدا من أسرع الاقتصادات نموا بعد الصين والهند خاصة في المنطقة .. وهذه تقديرات واقعية".
ويأتي هذا النمو متجاوزا حتى توقعات الحكومة التركية، التي كانت قد حددت هدفها للنمو خلال عام 2010 بما لا يتعدى 3.5 في المئة، إلا أن مسؤولين قالوا إنه تم تجاوز هذه النسبة بكثير. وكان إجمالي الناتج المحلي قد سجل انخفاضا كبيرا بنسبة 14.7 في المئة في الربع الأول من العام الماضي عندما دخلت تركيا في ركود شديد وسط الأزمة المالية العالمية. ولكن الانتعاش الاقتصادي بدأ في الربع الأخير من عام 2009 حيث ارتفع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 6 في المئة بعد فترة انكماش استمرت عاما ماليا، مما تسبب في انخفاض نمو الاقتصاد بنسبة 4.7 في المئة العام الماضي. وارتفع الناتج الصناعي بنسبة 17 في المئة في أبريل في خامس زيادة متتالية.
ويعد هذا النمو الاقتصادي إنجازا مهما بالنسبة لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذي يواجه انتخابات عامة عام 2011 سيخوضها حزبه المنبثق من التيار الإسلامي ضد المعارضة للفوز بولاية ثالثة على التوالي. غير أن البطالة لا تزال تمثل تحديا كبيرا للحكومة، فقد بلغت نسبتها 13.7 في المئة في أبريل بينما بلغت نسبة البطالة بين الشباب 24.6 في المئة.
ولا بد من الإشارة إلى النمو الاقتصادي في عهد "العدالة والتنمية" الذي فاز في الانتخابات البرلمانية لعام 2002 وفي الانتخابات النيابية 2007، مما جعل تركيا تحتل المرتبة رقم 16 في الاقتصاد العالمي، يأتي ذلك بسبب الاستقرار والانفتاح على دول الجوار وفقا لنظرية وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو "تصفير المشكلات مع دول الجوار"، مما فتح المجال للتجارة مع الجوار الجغرافي لها في آسيا الوسطى والشرق الأوسط وحوض البحر الأوسط وإفريقيا والعالم العربي، بل تحتل تركيا في عهد حزب العدالة والتنمية المرتبة رقم 8 في الاقتصاد الزراعي العالمي، بعد أن كانت في المرتبة رقم 11 قبل مجيء "العدالة والتنمية" للحكم وتصدر المنتجات الزراعية التركية لأكثر من 177 دولة في العالم. وتحتل تركيا في صناعة الفولاذ المرتبة رقم 30، مما يعطي تركيا مكانة اقتصادية وسياسية في العالم اليوم.
إن النمو الاقتصادي والمكانة التي تحتلها تركيا اليوم جعلت الرئيس الأمريكي باراك أوباما يشيد بأهمية ودور تركيا الجيواستراتيجي والاقتصادي، ففي مقابلة لأوباما مع صحيفة " كويييرا ديلا سييرا" الإيطالية قال الرئيس الأمريكي "تركيا تتمتع بأهمية استراتيجية ضخمة، ولطالما كانت تقاطعا بين الشرق والغرب، تركيا حليفة في الناتو، واقتصادها يشهد ازدهارا كبيرا".
ولكن الشيء المؤكد أن محاربة الفساد والاهتمام بقطاعات البلاد المختلفة والتنمية في الريف والمدن أسهمت في هذا التقدم، خاصة أن رئيس الوزراء التركي الحالي رجب طيب أردوغان، أثبت قدرة فائقة على محاربة الفساد والنهوض ببلدية إسطنبول وأن يتوافر للبلدية فائض مالي بسبب إدارة شعارها الإرادة والإخلاص وفريق حكومي متجانس يشعر بمشكلات الشعب بمختلف قطاعاته.
وقد أعلن وزير التجارة الخارجية التركي، ظافر كاجلايان، في شهر يونيو الماضي، أثناء افتتاح معرض دول الشرق الأوسط ودول الجوار الذي عقد في غازيأنتيب في جنوب شرق تركيا، إن بلاده تهدف إلى زيادة حجم التجارة الخارجية إلى تريليون دولار أمريكي مع عام 2023، وأضاف "إننا نرغب في أن نعمل ذلك مع جيراننا وأصدقائنا وخاصة الدول الإسلامية".
وكانت تركيا قد ألغت تأشيرة الدخول لرعايا الدول المجاورة، مثل لبنان وسوريا والأردن، وأيضا ليبيا، وقد تزايد حجم المبادلات التجارية بين تركيا والدول العربية بما يفوق الضعف خلال السنوات الخمس الأخيرة، حيث بلغ ما يقرب من ثلاثين مليار دولار سنوياً، إلا أنه يظل رقماً صغيراً بالقياس إلى حجم المبادلات التجارية مع بلدان الاتحاد الأوروبي.
إن إحدى سمات السياسة الخارجية الجديدة التي يقودها حزب العدالة والتنمية الحاكم هي كون هذه السياسة مدفوعة إلى حد كبير بالمصالح الاقتصادية والتجارية. ونلاحظ أن رئيس الحكومة التركية يصطحب معه في رحلاته الدولية الكثيرة، أعداداً كبيرة من رجال الأعمال الأتراك. ولذا، فإن الإعلان عن تشكيل منطقة للتجارة الحرة والسفر الحر تشمل علاوة على تركيا كلاً من سورية ولبنان والأردن يتواءم مع هذا التوجه. كما أن حجم التجارة التركية مع إيران مرشح للتزايد، فقد كانت إيران عاشر أكبر شريك تجاري لتركيا في عام 2009 حيث بلغ حجم التبادل التجاري 5.4 مليار دولار، وهو ما يصل إلى اثنين في المائة من إجمالي التجارة الخارجية التركية. وبالمقارنة بلغ حجم التجارة بين تركيا والاتحاد الأوروبي أكبر وجهاتها التصديرية 103.5 مليار دولار العام الماضي. وبلغ حجم التجارة التركية مع إسرائيل نحو 2.6 مليار دولار. وصدرت تركيا سلعاً قيمتها 2.025 مليار دولار للجمهورية الإسلامية في عام 2009 بزيادة بأكثر من 500 في المائة مقارنة بـ 334 مليون دولار في عام 2002 حين تولى حزب العدالة والتنمية الذي يقوده رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الحكم للمرة الأولى. وفي ظل حكم حزب العدالة والتنمية حقق الاقتصاد التركي نمواً قياسياً، وأصبحت إيران سوقاً تصديرية جذابة لمن يطلق عليهم نمور الأناضول. ومن المنتظر في عام 2010 أن تحتل إيران المركز 12 بين أكبر مستوردي السلع التركية بعد أن كانت تحتل المركز 17 في عام 2005 . إن معظم الصادرات من قطاعات السيارات والآلات والكيماويات والملابس، خاصة من شركات صغيرة ومتوسطة الحجم. واقترحت تركيا وإيران في عام 2007 تصنيع سيارة مشتركة مع ماليزيا لكن لم يسمع شيء يذكر عن هذا المشروع منذ ذلك الحين.
ومما يجدر ذكره، أن صادرات تركيا أقل بكثير مقارنة بـصادرات إيران ومعظمها من الغاز. وصدرت الجمهورية الإسلامية سلعاً قيمتها 8.2 مليار دولار لتركيا في عام 2008. لكن انخفاض أسعار الوقود، وتباطؤ النشاط الاقتصادي تسبباً في تراجع هذا المبلغ إلى 3.4 مليار دولار العام الماضي. كما تعد تركيا طريق عبور رئيسيا للسلع بين الاتحاد الأوروبي وإيران، وحتى مع دول مثل بريطانيا عضو الاتحاد الأوروبي، ففي زيارة وزير الخارجية التركي إلى العاصمة البريطانية في مطلع شهر يوليو الماضي صرح الوزير التركي بأن بريطانيا وتركيا تريدان مضاعفة التجارة البينية إلى 20 مليار دولار سنويا في السنوات المقبلة. وأكد أوغلو، في مؤتمر صحافي عقب محادثات مع وزير الخارجية البريطاني وليام هيج "بلغت التجارة الخارجية بين تركيا وبريطانيا نحو 13 مليار دولار في 2008. وتراجعت في 2009 إلى تسعة مليارات دولار". وتابع قائلا "ناقشنا كيف يمكن تعزيزها مجددا .. ليس إلى 13 مليار دولار بل إلى 20 مليار دولار في السنوات المقبلة لأننا نملك هذه الإمكانية. الاقتصاد التركي ينمو بوتيرة سريعة جدا".
اهتمام تركي بالمصارف الإسلامية
الدولة التركية لها تاريخ عريق، رغم سياسة أتاتورك في تغريب المجتمع التركي بعد إلغاء الخلافة الإسلامية عام 1923، فالإسلام متأصل في نفوس الشعب التركي الذي يشكل المسلمون فيه 99 في المئة، ورغم تبني النظام الغربي، فقد تبنى تورغوت أوزال عندما تولى رئاسة الوزارة التركية 1983، سياسة الانفتاح الاقتصادي ووجدت التيارات والجماعات الإسلامية في عهده متنفسا لممارسة نشاطها الدعوي وفي مجال الاستثمار الاقتصادي، فقد صدر في عهد أوزال قانون البنوك الإسلامية، وتمكن الإسلاميون في تركيا من دخول عالم المال والمشروعات الضخمة، حيث تأسس بنك البركة التركي وبنك فيصل فيننانس السعودي والبنك التركي الكويتي، وهو ما عزز من النفوذ المالي والتمويلي للحركات الإسلامية، فأقامت عديدا من المشروعات الصناعية والتجارية واستطاعت النفاذ إلى العالم العربي والإسلامي.
إن القطاع المالي الإسلامي الذي يعرف في تركيا ببنوك المشاركة تجاوزت مدخراتها 25 مليار دولار بعد أن كانت 85 مليار دولار، ويتوقع أن تشكل مدخراتها 10 في المئة من مدخرات رؤوس أموال البنوك التركية. ويصل عدد المصارف الاسلامية في تركيا إلى خمسة بنوك بعد أن فتح بنك دبي الإسلامي فرعا في إسطنبول، وحسب تقرير رابطة البنوك المشاركة التي تضم أربعة بنوك، قدرت أرباح هذه البنوك لعام 2009 بـ 470 مليار دولار. وهذه البنوك: البركة albaraka، وبنك آسيا Asya والبنك الكويتي التركي Kuveyt-Turk وتركيا فايننس Turkiye-Finans.
وقد أشاد رئيس البنك المركزي التركي دورميش يلماظ بالتجربة المصرفية التركية خلال افتتاح المؤتمر الخامس للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية بدمشق، موضحاً أن المؤسسات المالية الإسلامية في تركيا مندمجة في القطاع المصرفي التقليدي وهي جزء لا يتجزأ من القطاع المالي في تركيا، مؤكداً حرص بلاده على تبادل الخبرات مع الدول الأخرى بهدف الاستفادة منها لتطوير عمل المصارف الإسلامية وتنويع خدماتها وتوسيع انتشارها في دول العالم. وأشار السيد يلماظ إلى أنه رغم المصاعب التي أفرزتها الأزمة المالية العالمية فإن الصيرفة الإسلامية ازدادت انتشاراً بسبب الركائز والأسس القوية التي تستند إليها، ولا تزال قادرة على المنافسة وعلى لعب دور فاعل في النظام المصرفي العالمي حيث استطاعت جذب كثير من الجهات العالمية للمشاركة في هذه التجربة المصرفية. وأكد يلماظ ضرورة بذل مزيد من الجهود لزيادة معاملات رأس المال في المصارف الإسلامية والعمل على تطوير قاعدة الزبائن وتعزيز الإطار الرقابي في المؤسسات المالية الإسلامية لجهة إيجاد شبكة أمان ونظم تأمين جديدة.
ومما يؤكد اهتمام تركيا بالمصارف الإسلامية والإقبال الشعبي عليها أن عدد فروعها وصل عام 2009 إلى 560 فرعا وتوظف فيها 11802 موظف، وهذه خطوة إيجابية في دولة كانت تهيمن عليها المؤسسة العسكرية وعلمانية مستغربة متطرفة، ويتوقع أن يزيد عدد الفروع في السنوات المقبلة كما أشار تقرير رابطة البنوك المشاركة PBAT.