يعمل المجمع الدولي لبحوث الشريعة في التمويل الإسلامي الماليزي، مع نظيره في الشرق الأوسط ، بشأن وضع المبادئ التوجيهية لمعالجة مشكلة تعدد عضوية العلماء في الهيئات الشرعية الخاصة بالمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، والتي يمكن للعالم الواحد أن يجلسها للحد من تضارب المصالح، وذلك بحسب تقرير صادر عن مجلة جلوبل للتمويل الإسلامي نشر تحت عنوان " The Shortage of scholars in Islamic finance poses Challenges ".
قواعد جديدة لتحديد عدد عضويات العالم الواحد وتملكه لأسهم الشركات وغيره
قواعد جديدة لتحديد عدد عضويات العالم الواحد وتملكه لأسهم الشركات وغيره
يعمل المجمع الدولي لبحوث الشريعة في التمويل الإسلامي الماليزي، مع نظيره في الشرق الأوسط ، بشأن وضع المبادئ التوجيهية لمعالجة مشكلة تعدد عضوية العلماء في الهيئات الشرعية الخاصة بالمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، والتي يمكن للعالم الواحد أن يجلسها للحد من تضارب المصالح، وذلك بحسب تقرير صادر عن مجلة جلوبل للتمويل الإسلامي نشر تحت عنوان " The Shortage of scholars in Islamic finance poses Challenges ".
قواعد جديدة لتحديد عدد عضويات العالم الواحد وتملكه لأسهم الشركات وغيره
القواعد الجديدة والتي يتم وضعها بالتعاون جنبا إلى جنب مع مجمع البحوث الإسلامية ومعهد التدريب في جدة، في المملكة العربية السعودية، يتناول أيضا - بجانب تحديد عدد العضويات المسوح به للعالم الواحد- تحديد إذا كان بإمكان علماء الهيئة الشرعية تملك أسهم في الشركات التي يعملون بتقديم المشورة لها، والكشف عن المعلومات المتعلقة بالمنتجات التي يساعوند في تشريع بنيتها، وعن الفتوى التي قاموا على أساسها بتشريع ذلك المنتج.
جدل حول تعدد العضويات وتضارب المصالح
هنالك جدل متزايد حول دور علماء الشريعة وأثره المباشر في نمو صناعة الصيرفة والتمويل الإسلامي، والتي تعدت أصولها التريليون دولار ، مما يثير قضايا مثل نقص عدد المستشارين الشرعيين وتضارب المصالح عند تعدد جلوس العلماء في أكثر من هيئة شرعية . فالهيئة الشرعية هي عنصر أساسي من هيكل المؤسسة المالية الإسلامية، وتحمل المسؤولية لضمان أن جميع المنتجات والخدمات التي تقدمها تلك المؤسسة متوافقة تماما مع مبادئ الشريعة الإسلامية، كما يستعرض المجلس ويشرف على جميع عروض المنتجات الإسلامية الجديدة المحتملة.
إن النقص في علماء المسلمين المؤهلين من بين أكبر التحديات التي تواجه التوسع في الصيرفة الإسلامية العالمية. فنمو الصناعة يفوق بكثير عدد المستشارين الشرعيين الضليعين في كل من التمويل وتفسير الشريعة. ونتيجة لذلك، فإنه من الشائع لقلة عدد العلماء والذين يتم رفع البعض منهم إلى مرتبة النجوم والمشاهير أن يجلس في مجالس مؤسسات إسلامية متعددة، مما يطرح سؤال تضارب المصالح خاصة في تشريع المنتجات الإسلامية المختلف في أمرها.
هيمنة علماء شرعيين قلة على المجالس الاستشارية
ووفقا لتقرير مجلة جلوبل المستمد معلوماته من دراسة " Fund House"، فإن ثلاثة من أبرز العلماء يشكلون 20.9 في المائة من مجموع مناصب المجالس والهيئات الشرعية الخاصة بصناعة الصيرفة الإسلامية. فالشيخ نظام اليعقوبي من البحرين، والذي يعتبر واحداً من علماء التمويل الإسلامي الأكثر احتراما في منطقة الخليج العربية، يعتبر الأول بين العلماء في عدد عضويات الهيئات الشرعية، حيث يجلس حاليا في 85 هيئة شرعية، ويأتي في المركز الثاني الشيخ الدكتور عبد الستار أبو غدة من سوريا. وفي المركز الثالث، يجلس في 71 هيئة شرعية هو الدكتور محمد علي القري من المملكة العربية السعودية.
وكشفت الدراسة أيضا أن مجموعة من 20 عالما من علماء الشريعة البارزين يجلسون في ما مجموعه 621 هيئة شرعية. مع علماء يجمعون بين العشرات من العضويات الشرعية والوزارية احيانا، منتقدين لمثل هذا الوضع، حيث يقولون انه من المستحيل بالنسبة لهم القيام بعمل جيد.
"يجب أن يكون هناك نوع من الضمان بحيث عندما يوافق عالم الشريعة على المنتج، أن يكون لديه ما يكفي من الوقت لقراءة بنية المنتج وجميع حيثياته"، يقول مستمثر صيرفي كبير بصناعة النفط." بعض الوثائق معقدة جدا وتحتاج أيام لقرائتها".
تعدد العضويات قد يؤثر على سلامة القرارات الشرعية
قلق آخر هو أن بعض الجهات التي توفر منتجات إسلامية، ولكن تلك المنتجات لم يتم الموافقة عليها من قبل الهيئة الشرعية، يمكنها أن تذهب ببساطة وتبحث عن عالم شرعي أقل تشددا نحو الموافقة على ذلك المنتج المختلف في أمره كما حدث في البطاقات الائتمانية المبينة على بيع العينة و البيع بثمن آجل وغيرها، مما أدى ببعض العلماء أن يكونوا دائما عند الطلب.
كما تزداد هذه المخاوف سوءا بسبب عدم وجود الشفافية والانفتاح حول هؤلاء العلماء من حيث صنع القرار والأجور. وغلق أبواب دور البحث الاستشارية ومحاضر الاجتماعات العامة أمام من يريد الإطلاع عليها من الباحثين أو المهتمين بسلامة القرارات الشرعية. وقد أدى ذلك إلى الاستياء والارتباك في هذه الصناعة.
"إنهم كأوبك. فهي المنظمة. كل ما يفعلونه هو قابل للتفاوض للغاية وغير شفاف. وهم لا يرحبون بأية قادمين جدد في هيئاتهم "، يقول نائب رئيس بنك استثماري في دبي لم يرغب بالكشف عن اسمه.
بالإضافة إلى عضوية هيئات و مناصب استشارية، فإن العلماء يعملون أيضا كمدققين شرعيين للمنظمة ، وهم من يقومون بوضع معايير الشريعة فيها، كما يمكن أن يلعبوا أيضا دور القاضي لبلد معين في آن واحد. على سبيل المثال، أحد العلماء له عضوية في العديد من المنظمات مثل هيئة المحاسبة والمراجعة، ومؤشرات داو جونز للسوق المالية الإسلامية وعدد من البنوك الإسلامية، والسؤال هو كيف من يضع المعايير الشرعية هو نفسه من يراقب سلامة تطبيقها؟
إحباط للراغبين في الاستثمار بالصيرفة والتمويل الإسلامي من الهيئات المشرعة للمنتجات
المشاركين في السوق يقولون أيضا إنهم يشعرون بالإحباط الشديد بسبب عدم وجود الشفافية في الأجور. واعتمادا على أقوال المطليعن بهذا الشأن في المصارف والمؤسسات الإسلامية، فإن الأجر السنوي لعضو الهيئة الشرعية من العلماء يتراوح بين 100،000 و 400،000 دولار. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للعلماء أيضا أخذ نسب على رسوم المعاملات الشرعية، والنسب المئوية للمعاملات تتراوح بين 1 في المائة إلى 2.5 في المائة تبعا لحجم ونطاق الصفقة. إذا كان الباحث يحمل عضويات هيئات متعددة ، فيحتمل أن تتعدى دخولهم السنوية الملايين من الدولارات.
القري يدافع عن تعدد العضويات وينفي حصول تعارض في المصالح
عالم سعودي بارز" محمد القري" ، والحاصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، ينفي مزاعم أن المستشارين الشرعيين همهم "جمع الكثير من المال". ففي تجربته، لم تذكر أيا من البنوك والمنظمات التي تستشيره أية مخاوف عن القضايا المذكورة أعلاه. وهو يقول "علاقته مع زبائنه تبقى ودية ومهنية بأقصى الحدود.،وعلى هذا النحو، فإن هذه المخاوف هي عبارة عن ستار من الدخان يغطي حقيقة الجهود التي يبذلها العلماء، والإنتقادات قادمة ممن يرغبون في حصة من أعمال الاستشارات وممن يحرصون على الحصول على شريحة من الأعمال الاستشارية الشرعية في المالية الإسلامية" كما يقول.
سيكون من السهل ضحد الانتقادات السابقة كنوع من الغيرة الموجهة للعلماء، ولكن عندما تجمع الشخصيات المحترمة في مجال صناعة بالقول أنهم يخشون التحدث علنا عن هذا الموضوع، فمن الواضح العلماء لديهم مشكلة بين أيديهم.
الدكتور المقدادي: " آن الأوان لوضع معايير منظمة لعمل الهيئات الشرعية والمراكز الاستشارية العاملة في مجال التمويل الإسلامي"
وفي إطار الحديث عن تعدد عضويات علماء الهيئات الشرعية والاستشارية وسلبياتها على نمو صناعة الصيرفة الإسلامية ، يقول الدكتور خالد يوسف المقدادي، خبير الصيرفة والتمويل الإسلامي المعتمد، معلقا على تقرير مجلة جلوبل" نعم هنالك مخاوف حول سلبيات تعدد العضويات في الهيئات الشرعية والاستشارية، وهي مخاوف محقة خاصة إذا كان الجمع بين منصب استشاري وتشريعي، وهو ما يؤدي إلى تضارب مصلحة المشرع مع مصلحة الوكيل لديه، ولكن هذا لا ينفي جهود العلماء والخبراء في سبيل وضع الفتاوى الفقهية والقرارات الشرعية ، خاصة وأن مجال صناعة الصيرفة الإسلامية يعتبر حديثا نسبيا وأغلب منتجاتها معقدة لتداخل العقود الشرعية المبينة عليها، وهي محل خلاف، والأصل هو الإجماع حول شرعية بعض القضايا المختلف فيها".
ويضيف" حدثت تجاوزات من قبل بعض العلماء الذين أباحوا بعض المنتجات المختلف في شرعيتها مقابل من حرمها من علماء متشددين، ولكنهم تراجعوا عن قراراتهم وأعلنوا اعترافهم بخطأ ذلك التشريع، كما حدث في بيع العينة والذي تراجع عن تشريعه علماء أقروه سابقا وهو بيع محرم بحسب إجماع العلماء على الرغم من تطبيقه في بعض الدول كماليزيا، ولكن عقب التشاور والتحاور في اللقاءات الفقهية والمؤتمرات الشرعية، خاصة تلك التي ينظمها مجمع الفقه الإسلامي الدولي في جدة، تم تحريم تلك المنتجات، وهو ما يؤكد ضرورة التحاور بين العلماء قبل أي قرار يبيح منتجا مختلف في شرعيته".
ويقول الدكتور المقدادي " آن الأوان لوضع معايير منظمة لعمل الهيئات الشرعية والمراكز الاستشارية العاملة في مجال التمويل الإسلامي" ، "حيث يجب فصل من يعملون في مجال وضع المعايير الشرعية والتنظيمية ، عن من يقومون بالعمل الاستشاري أو الشرعي لدى المؤسسات الإسلامية، ولا يجوز بأي حال من الأحوال ان يجمع عالم منصبا حكوميا رسميا كالقضاء وفي نفس الوقت أن يمثل مصلحة مؤسسة خاصة تعمل في نفس مجال التشريع أو التحكيم، وفي ذلك تضارب صارخ للمصالح العامة والخاصة، والأصل في الإسلام تقديم المصلحة العامة على مصلحة الفرد وإلا أصبحنا رأس مالية مستبدة كالغرب وابتعدنا عن مبدأ الاقتصاد الإسلامي العادل ".
ويقترح الدكتور المقدادي حلولا يجب أخذها بعين الاعتبار عند وضع المبادئ المنظمة لعمل الهيئات الشرعية والاستشارية، ويقول " أولاً لا بد من تحديد عدد العضويات المتاحة للعالم أو الخبير، وإذا أخذنا مبدأ التمثيل في الجمعيات العمومية على سبيل المثال، يصبح على العضو الواحد لزاما أن يجتمع بهيئة البنك أو المؤسسة ما لا يقل عن ستة مرات سنويا للإشراف على المستجدات من الأمور واتخاذ القرارات المناسبة، وإذا جمعنا أن كل اجتماع يأخذ تحضيرا حوالي الأسبوع إلى أسبوعين لدراسة المنتجات الجديدة، فإن أقصى عدد للعضويات يجب أن يكون حوالي العشرة ".
" كما يقترح أن تقوم عدة هيئات أو مراكز استشارية بالمصادقة على القرار الواحد، والأسلوب الأنسب أن ترفع لجنة من الخبراء بالمصرف دراسة مفصلة عن المنتج للعالم وهو يتخذ القرار بالاستشارة مع مركز الاستشارات، ومن ثم يصادق على ذلك القرار لجنة من ثلاث علماء خارجيين مستقلين على أقل تقدير، كما يحدث مع البحوث المحكمة في المجلات العلمية تماماً، وبذلك على الرغم من ارتفاع التكلفة نضمن صحة القرار المتخذ، وبالتالي التقليل من مخاطر السمعة التي قد يتعرض لها المصرف في حال كون القرار المتخذ مخالف للشريعة، مما سيؤدي حتما إلى نفور المستثمرين والعملاء من الإقبال عليه، وفي ذلك خسارة مادية أكبر على المصرف"
كما يؤكد الدكتور المقدادي على ضرورة الشفافية في الإفصاح عن أصل القرارات المتخذة وجعلها متاحة للعامة "يجب أن ترفق قوائم مفصلة بالقرارات الشرعية التي اتخذت بشأن إباحة المنتجات الجديدة، وتبيان أسس اتخاذ القرار، كذلك يجب إدراج بند واضح في الميزانية العمومية عن تكلفة الاستشارات المقدمة من قبل العلماء والمراكز، وأجورهم، وهو حق للمساهم والعميل في معرفته، فالمصارف تفصل بنود نفقات كالضيافة وغيرها ولا تفصل بنودا هامة كأجور الاستشارات، كأنها أسرار صناعية، وليس إجراء طبيعي من حق المستثمر معرفته"
"وفي وضع المعايير الجديدة سيكون كافيا لتسريع تطور صناعة الصيرفة والتمويل الإسلامي، وذلك عبر إيضاح تفاصيل المنتجات الجديدة للمستثمرين وبالتالي زيادة تنوعها، وزيادة الإقبال عليها من قبل المستثمرين، وهذا بحد ذاته كفيل بتطور الصناعة إلى مستويات جيدة جدا في المستقبل القريب بإذن الله"
مجلة الصيرفة الإسلامية
قواعد جديدة لتحديد عدد عضويات العالم الواحد وتملكه لأسهم الشركات وغيره
القواعد الجديدة والتي يتم وضعها بالتعاون جنبا إلى جنب مع مجمع البحوث الإسلامية ومعهد التدريب في جدة، في المملكة العربية السعودية، يتناول أيضا - بجانب تحديد عدد العضويات المسوح به للعالم الواحد- تحديد إذا كان بإمكان علماء الهيئة الشرعية تملك أسهم في الشركات التي يعملون بتقديم المشورة لها، والكشف عن المعلومات المتعلقة بالمنتجات التي يساعوند في تشريع بنيتها، وعن الفتوى التي قاموا على أساسها بتشريع ذلك المنتج.
جدل حول تعدد العضويات وتضارب المصالح
هنالك جدل متزايد حول دور علماء الشريعة وأثره المباشر في نمو صناعة الصيرفة والتمويل الإسلامي، والتي تعدت أصولها التريليون دولار ، مما يثير قضايا مثل نقص عدد المستشارين الشرعيين وتضارب المصالح عند تعدد جلوس العلماء في أكثر من هيئة شرعية . فالهيئة الشرعية هي عنصر أساسي من هيكل المؤسسة المالية الإسلامية، وتحمل المسؤولية لضمان أن جميع المنتجات والخدمات التي تقدمها تلك المؤسسة متوافقة تماما مع مبادئ الشريعة الإسلامية، كما يستعرض المجلس ويشرف على جميع عروض المنتجات الإسلامية الجديدة المحتملة.
إن النقص في علماء المسلمين المؤهلين من بين أكبر التحديات التي تواجه التوسع في الصيرفة الإسلامية العالمية. فنمو الصناعة يفوق بكثير عدد المستشارين الشرعيين الضليعين في كل من التمويل وتفسير الشريعة. ونتيجة لذلك، فإنه من الشائع لقلة عدد العلماء والذين يتم رفع البعض منهم إلى مرتبة النجوم والمشاهير أن يجلس في مجالس مؤسسات إسلامية متعددة، مما يطرح سؤال تضارب المصالح خاصة في تشريع المنتجات الإسلامية المختلف في أمرها.
هيمنة علماء شرعيين قلة على المجالس الاستشارية
ووفقا لتقرير مجلة جلوبل المستمد معلوماته من دراسة " Fund House"، فإن ثلاثة من أبرز العلماء يشكلون 20.9 في المائة من مجموع مناصب المجالس والهيئات الشرعية الخاصة بصناعة الصيرفة الإسلامية. فالشيخ نظام اليعقوبي من البحرين، والذي يعتبر واحداً من علماء التمويل الإسلامي الأكثر احتراما في منطقة الخليج العربية، يعتبر الأول بين العلماء في عدد عضويات الهيئات الشرعية، حيث يجلس حاليا في 85 هيئة شرعية، ويأتي في المركز الثاني الشيخ الدكتور عبد الستار أبو غدة من سوريا. وفي المركز الثالث، يجلس في 71 هيئة شرعية هو الدكتور محمد علي القري من المملكة العربية السعودية.
وكشفت الدراسة أيضا أن مجموعة من 20 عالما من علماء الشريعة البارزين يجلسون في ما مجموعه 621 هيئة شرعية. مع علماء يجمعون بين العشرات من العضويات الشرعية والوزارية احيانا، منتقدين لمثل هذا الوضع، حيث يقولون انه من المستحيل بالنسبة لهم القيام بعمل جيد.
"يجب أن يكون هناك نوع من الضمان بحيث عندما يوافق عالم الشريعة على المنتج، أن يكون لديه ما يكفي من الوقت لقراءة بنية المنتج وجميع حيثياته"، يقول مستمثر صيرفي كبير بصناعة النفط." بعض الوثائق معقدة جدا وتحتاج أيام لقرائتها".
تعدد العضويات قد يؤثر على سلامة القرارات الشرعية
قلق آخر هو أن بعض الجهات التي توفر منتجات إسلامية، ولكن تلك المنتجات لم يتم الموافقة عليها من قبل الهيئة الشرعية، يمكنها أن تذهب ببساطة وتبحث عن عالم شرعي أقل تشددا نحو الموافقة على ذلك المنتج المختلف في أمره كما حدث في البطاقات الائتمانية المبينة على بيع العينة و البيع بثمن آجل وغيرها، مما أدى ببعض العلماء أن يكونوا دائما عند الطلب.
كما تزداد هذه المخاوف سوءا بسبب عدم وجود الشفافية والانفتاح حول هؤلاء العلماء من حيث صنع القرار والأجور. وغلق أبواب دور البحث الاستشارية ومحاضر الاجتماعات العامة أمام من يريد الإطلاع عليها من الباحثين أو المهتمين بسلامة القرارات الشرعية. وقد أدى ذلك إلى الاستياء والارتباك في هذه الصناعة.
"إنهم كأوبك. فهي المنظمة. كل ما يفعلونه هو قابل للتفاوض للغاية وغير شفاف. وهم لا يرحبون بأية قادمين جدد في هيئاتهم "، يقول نائب رئيس بنك استثماري في دبي لم يرغب بالكشف عن اسمه.
بالإضافة إلى عضوية هيئات و مناصب استشارية، فإن العلماء يعملون أيضا كمدققين شرعيين للمنظمة ، وهم من يقومون بوضع معايير الشريعة فيها، كما يمكن أن يلعبوا أيضا دور القاضي لبلد معين في آن واحد. على سبيل المثال، أحد العلماء له عضوية في العديد من المنظمات مثل هيئة المحاسبة والمراجعة، ومؤشرات داو جونز للسوق المالية الإسلامية وعدد من البنوك الإسلامية، والسؤال هو كيف من يضع المعايير الشرعية هو نفسه من يراقب سلامة تطبيقها؟
إحباط للراغبين في الاستثمار بالصيرفة والتمويل الإسلامي من الهيئات المشرعة للمنتجات
المشاركين في السوق يقولون أيضا إنهم يشعرون بالإحباط الشديد بسبب عدم وجود الشفافية في الأجور. واعتمادا على أقوال المطليعن بهذا الشأن في المصارف والمؤسسات الإسلامية، فإن الأجر السنوي لعضو الهيئة الشرعية من العلماء يتراوح بين 100،000 و 400،000 دولار. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للعلماء أيضا أخذ نسب على رسوم المعاملات الشرعية، والنسب المئوية للمعاملات تتراوح بين 1 في المائة إلى 2.5 في المائة تبعا لحجم ونطاق الصفقة. إذا كان الباحث يحمل عضويات هيئات متعددة ، فيحتمل أن تتعدى دخولهم السنوية الملايين من الدولارات.
القري يدافع عن تعدد العضويات وينفي حصول تعارض في المصالح
عالم سعودي بارز" محمد القري" ، والحاصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، ينفي مزاعم أن المستشارين الشرعيين همهم "جمع الكثير من المال". ففي تجربته، لم تذكر أيا من البنوك والمنظمات التي تستشيره أية مخاوف عن القضايا المذكورة أعلاه. وهو يقول "علاقته مع زبائنه تبقى ودية ومهنية بأقصى الحدود.،وعلى هذا النحو، فإن هذه المخاوف هي عبارة عن ستار من الدخان يغطي حقيقة الجهود التي يبذلها العلماء، والإنتقادات قادمة ممن يرغبون في حصة من أعمال الاستشارات وممن يحرصون على الحصول على شريحة من الأعمال الاستشارية الشرعية في المالية الإسلامية" كما يقول.
سيكون من السهل ضحد الانتقادات السابقة كنوع من الغيرة الموجهة للعلماء، ولكن عندما تجمع الشخصيات المحترمة في مجال صناعة بالقول أنهم يخشون التحدث علنا عن هذا الموضوع، فمن الواضح العلماء لديهم مشكلة بين أيديهم.
الدكتور المقدادي: " آن الأوان لوضع معايير منظمة لعمل الهيئات الشرعية والمراكز الاستشارية العاملة في مجال التمويل الإسلامي"
وفي إطار الحديث عن تعدد عضويات علماء الهيئات الشرعية والاستشارية وسلبياتها على نمو صناعة الصيرفة الإسلامية ، يقول الدكتور خالد يوسف المقدادي، خبير الصيرفة والتمويل الإسلامي المعتمد، معلقا على تقرير مجلة جلوبل" نعم هنالك مخاوف حول سلبيات تعدد العضويات في الهيئات الشرعية والاستشارية، وهي مخاوف محقة خاصة إذا كان الجمع بين منصب استشاري وتشريعي، وهو ما يؤدي إلى تضارب مصلحة المشرع مع مصلحة الوكيل لديه، ولكن هذا لا ينفي جهود العلماء والخبراء في سبيل وضع الفتاوى الفقهية والقرارات الشرعية ، خاصة وأن مجال صناعة الصيرفة الإسلامية يعتبر حديثا نسبيا وأغلب منتجاتها معقدة لتداخل العقود الشرعية المبينة عليها، وهي محل خلاف، والأصل هو الإجماع حول شرعية بعض القضايا المختلف فيها".
ويضيف" حدثت تجاوزات من قبل بعض العلماء الذين أباحوا بعض المنتجات المختلف في شرعيتها مقابل من حرمها من علماء متشددين، ولكنهم تراجعوا عن قراراتهم وأعلنوا اعترافهم بخطأ ذلك التشريع، كما حدث في بيع العينة والذي تراجع عن تشريعه علماء أقروه سابقا وهو بيع محرم بحسب إجماع العلماء على الرغم من تطبيقه في بعض الدول كماليزيا، ولكن عقب التشاور والتحاور في اللقاءات الفقهية والمؤتمرات الشرعية، خاصة تلك التي ينظمها مجمع الفقه الإسلامي الدولي في جدة، تم تحريم تلك المنتجات، وهو ما يؤكد ضرورة التحاور بين العلماء قبل أي قرار يبيح منتجا مختلف في شرعيته".
ويقول الدكتور المقدادي " آن الأوان لوضع معايير منظمة لعمل الهيئات الشرعية والمراكز الاستشارية العاملة في مجال التمويل الإسلامي" ، "حيث يجب فصل من يعملون في مجال وضع المعايير الشرعية والتنظيمية ، عن من يقومون بالعمل الاستشاري أو الشرعي لدى المؤسسات الإسلامية، ولا يجوز بأي حال من الأحوال ان يجمع عالم منصبا حكوميا رسميا كالقضاء وفي نفس الوقت أن يمثل مصلحة مؤسسة خاصة تعمل في نفس مجال التشريع أو التحكيم، وفي ذلك تضارب صارخ للمصالح العامة والخاصة، والأصل في الإسلام تقديم المصلحة العامة على مصلحة الفرد وإلا أصبحنا رأس مالية مستبدة كالغرب وابتعدنا عن مبدأ الاقتصاد الإسلامي العادل ".
ويقترح الدكتور المقدادي حلولا يجب أخذها بعين الاعتبار عند وضع المبادئ المنظمة لعمل الهيئات الشرعية والاستشارية، ويقول " أولاً لا بد من تحديد عدد العضويات المتاحة للعالم أو الخبير، وإذا أخذنا مبدأ التمثيل في الجمعيات العمومية على سبيل المثال، يصبح على العضو الواحد لزاما أن يجتمع بهيئة البنك أو المؤسسة ما لا يقل عن ستة مرات سنويا للإشراف على المستجدات من الأمور واتخاذ القرارات المناسبة، وإذا جمعنا أن كل اجتماع يأخذ تحضيرا حوالي الأسبوع إلى أسبوعين لدراسة المنتجات الجديدة، فإن أقصى عدد للعضويات يجب أن يكون حوالي العشرة ".
" كما يقترح أن تقوم عدة هيئات أو مراكز استشارية بالمصادقة على القرار الواحد، والأسلوب الأنسب أن ترفع لجنة من الخبراء بالمصرف دراسة مفصلة عن المنتج للعالم وهو يتخذ القرار بالاستشارة مع مركز الاستشارات، ومن ثم يصادق على ذلك القرار لجنة من ثلاث علماء خارجيين مستقلين على أقل تقدير، كما يحدث مع البحوث المحكمة في المجلات العلمية تماماً، وبذلك على الرغم من ارتفاع التكلفة نضمن صحة القرار المتخذ، وبالتالي التقليل من مخاطر السمعة التي قد يتعرض لها المصرف في حال كون القرار المتخذ مخالف للشريعة، مما سيؤدي حتما إلى نفور المستثمرين والعملاء من الإقبال عليه، وفي ذلك خسارة مادية أكبر على المصرف"
كما يؤكد الدكتور المقدادي على ضرورة الشفافية في الإفصاح عن أصل القرارات المتخذة وجعلها متاحة للعامة "يجب أن ترفق قوائم مفصلة بالقرارات الشرعية التي اتخذت بشأن إباحة المنتجات الجديدة، وتبيان أسس اتخاذ القرار، كذلك يجب إدراج بند واضح في الميزانية العمومية عن تكلفة الاستشارات المقدمة من قبل العلماء والمراكز، وأجورهم، وهو حق للمساهم والعميل في معرفته، فالمصارف تفصل بنود نفقات كالضيافة وغيرها ولا تفصل بنودا هامة كأجور الاستشارات، كأنها أسرار صناعية، وليس إجراء طبيعي من حق المستثمر معرفته"
"وفي وضع المعايير الجديدة سيكون كافيا لتسريع تطور صناعة الصيرفة والتمويل الإسلامي، وذلك عبر إيضاح تفاصيل المنتجات الجديدة للمستثمرين وبالتالي زيادة تنوعها، وزيادة الإقبال عليها من قبل المستثمرين، وهذا بحد ذاته كفيل بتطور الصناعة إلى مستويات جيدة جدا في المستقبل القريب بإذن الله"
مجلة الصيرفة الإسلامية