يرجع مشروع إنشاء المصارف الإسلامية إلى حوالي ثلاثة عقود من الزمن عندما تبنته الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في الاقتصاد الإسلامي منذ إنشائها سنة 1979، وعندما تبنت مبادرة المشاركة بخبرتها في مشروع انطلاق أول تجربة في المعاملات المالية الإسلامية مع «بنك الوفا» سنة 1989. حينذاك، انطلقت ثلاث خدمات بنكية: المرابحة والمشاركة والإجارة؛ فأوقفها بنك المغرب وطلب مهلة لمراجعتها، إلا أن المراجعة دامت 17 سنة، أقر بعدها بأن هذه المعاملات لها سوق يطلبها، وبالتالي فلا بأس أن تتبناها البنوك المغربية إن شاءت ذلك، وهذا ما جعل المنتجات البنكية البديلة تظهر من جديد سنة 2007. تجربة المنتجات البديلة في المغرب بعد تردد طويل من طرف بنك المغرب، أعطيت الرخصة لانطلاق معاملات بنكية ذات طابع إسلامي سنة 2007 سماها المنتجات البديلة، وهي المرابحة والمشاركة والإجارة؛ وتلقاها الرأي العام، متمثلا خاصة في جمهور المستهلكين الراغبين في قروض استهلاكية بطريقة إسلامية (المرابحة) وجمهور المستثمرين الراغبين في قروض استثمارية إسلامية (المشاركة والإجارة)، بارتياح كبير بعد طول ترقب وانتظار؛
واعتبرت المبادرة تكسيرا لحاجز الخوف الذي كان يحيط بهذه المعاملات وإقرارا بوجود معاملات مالية إسلاميه، كما أدخلت الأمل من خلال اعتبارها مجرد مرحلة انتقالية لتأسيس بنوك إسلامية في المغرب، إلا أنه بعد خمس سنوات من التجربة اعتبرت المبادرة فاشلة للنتائج التالية: – لم تتجاوز المعاملات حتى أواخر 2010، 900 مليون درهم، أي ما يعادل 1،0 في المائة فقط من حجم المعاملات المصرفية التقليدية مقارنة ب9،4 في المائة في مصر و3،4 في المائة في تركيا و15 في المائة في ماليزيا؛ – تجاهل التقرير السنوي لبنك المغرب أي إشارة إلى هذه المعاملات منذ ظهورها سنة 2007؛ – استمرار جهل أغلب العاملين في البنوك التقليدية بهذه المعاملات وغياب أي سياسة تكوينية في هذا المجال، عدا بعض المبادرات المحدودة؛ – استمرار جهل أغلبية المتعاملين مع الأبناك بهذه المعاملات؛ – اعتقاد ثلاثة أرباع المتعاملين مع هذه المنتجات بأنها غير صافية من الناحية الشرعية والتعبير عن عدم رضاهم عنها. كما اعتبرت التجربة فاشلة للأسباب التالية: – غياب التنافس الحر بين الأبناك في ما يخص عروضها للمنتجات البديلة، ووجود حالة احتكار لا تسمح للمتعامل مع البنك بإيجاد البديل أو مناقشة شروط التمويل؛ – غلاء كلفة هذه المنتجات بشكل مثير؛ – عدم ملاءمة النظام الضريبي لخصوصية هذه المنتجات؛ – التمييز في الضريبة على القيمة المضافة بشكل لامنطقي ولامبرر بين عقود المرابحة، من جهة، وعقود المشاركة والإجارة، من جهة أخرى؛ – تغييب الإعلام للترويج لهذه المنتجات الجديدة؛ – وجود عيوب قانونية متعلقة بقضايا الحقوق المدنية والتأمين؛ – غياب أي تكوين أو معرفة للأطر البنكية التي تقوم بعرض هذه الخدمات؛ – الغياب العملي للتمويل بالمشاركة رغم إدراجها مبدئيا؛ – تغييب استفادة التمويل الاجتماعي كافة من هذه المنتجات؛ – تغييب استفادة العالم القروي كذلك من هذه التمويلات؛ – ضعف وبطء رد فعل الجهاز البرلماني على هذا الوضع. والنتيجة هي ضعف النتائج التي حققتها هذه التمويلات التي لا تتجاوز 4،1 في الألف من التمويلات التقليدية (900 مليون درهم مقارنة ب621 مليار درهم سنة 2010 للبنوك التقليدية) بعد خمس سنوات من الممارسة، بالإضافة إلى شعور الناس بنوع من الإحباط والاستغراب. ضعف مساهمة البنوك المغربية في التنمية ضعف الدور التنموي للبنوك المغربية يتجلى على عدة مستويات، أذكر منها: – بين سنة 2000 و2006، مثلا، بلغ نمو البنوك نسبة 8 في المائة، وهو ضعف نسبة نمو الدخل الوطني في نفس الفترة، بل إن نسبة نمو الأبناك في سنتي 2005 و2006 بلغت 9،6 في المائة فيما بلغت نسبة نمو الدخل 5،2 في المائة؛ – النمو السريع للقروض الاستهلاكية والتي بلغت أزيد من 300 مليار درهم؛ – هيمنة الودائع قصيرة المدى (حوالي 70 في المائة) بينما الودائع غير المؤدى عنها تبلغ 58 في المائة رغم أنها تستخدم في القروض بمقابل؛ – ضعف التمويل عن طريق البورص، حيث إن 78 في المائة من قروض المقاولات تكون خارج البورصة؛ – وهذه كلها مؤشرات على الانفصام الحاصل بين ما تحققه البنوك التقليدية من أرباح ونمو الدخل الوطني.
الوضع الحالي للدراسات والتكوين في مجال المالية الإسلامية بالمغرب
رغم بطء ورداءة المنجزات على أرض الواقع في مجال المالية الإسلامية، عرف المغرب خلال السنوات الأخيرة حراكا كبيرا على مستوى البحث والتكوين، تمثل أساسا في ظهور عدد من الدراسات في شكل رسائل جامعية وإصدارات تعريفية بالمالية الإسلامية أو تقييمية للتجربة المغربية في مجال المنتجات البديلة: – دور الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في الاقتصاد الإسلامي التي تقوم حاليا، بالإضافة إلى نشاطاتها المتعددة في مجال التوعية، بالتخطيط لإنشاء مركز مخصص للبحث العلمي؛ – على المستوى الجامعي، انطلاق مشاريع تدريس المالية الإسلامية وتدريسها حاليا كمادة في ماجستير البنوك والمالية في انتظار تأسيس تخصص مستقل في هذا المجال بدعم من بعض رؤساء المعاهد والجامعات؛ – على مستوى المعاهد العليا، اهتمام خاص للمدرسة المحمدية للمهندسين بتدريس المالية الإسلامية في شعبتين للمالية، والقيام بدورات تكوينية مجانية موجهة إلى الباحثين، وإنشاء وحدة للبحث تجمع بين الأساتذة في المدرسة والأطر البنكية والباحثين الاقتصاديين؛ – على مستوى القطاع الخاص، تعدد الندوات والدورات التكوينية في الدار البيضاء خصوصا، وفي مدن أخرى، لبحث سبل تمويل المقاولات الصغيرة والمتوسطة بأساليب مالية شرعية؛ – بروز خبراء دوليين مغاربة في هذا الميدان يشتغلون في أوربا ومستعدون للمساهمة في دعم انطلاق المالية الإسلامية في المغرب؛ – اهتمام أطر عليا من بنك المغرب ومن بنوك مغربية خاصة بالمالية الإسلامية ورغبتهم في القيام بدورات تكوينية في المالية الإسلامية؛ – صدور كتب مغربية في البنوك الإسلامية، ومنها كتاب بطلب من المنظمة الإسلامية للثقافة والعلوم تحت عنوان «المالية الإسلامية واقتصاد المعرفة»؛ – قرب انطلاق ماجستير في المالية الإسلامية في مدرسة عليا بالرباط هي PIIMT وفي معاهد عليا خاصة أخرى. الدراسات حول السوق المالية في المغرب قامت جمعيتنا المغربية للدراسات والبحوث في الاقتصاد الإسلامي، منذ حوالي عشر سنوات، بأول دراسة ميدانية حول السوق المالية الإسلامية في المغرب، خلصت إلى أن 6 في المائة من المقاولات المغربية لا تتعامل أصلا مع الأبناك لأسباب دينية وأن 19 في المائة من المقاولات المغربية ستغير تعاملها من البنوك التقليدية إلى البنوك الإسلامية في حال ظهور هذه الأخيرة، مما يعني آنذاك أن السوق المالية الإسلامية تهم ربع المقاولات المغربية. ومرة أخرى، أكدت الدراسة الحديثة، التي قامت بها مؤسسة IFAAS والتي تطرح مجموعة من الأسئلة حول مستوى معرفة المغاربة بالمعاملات المالية الإسلامية ومستوى رغبتهم فيها، أن أكثر من 90 في المائة من المغاربة يتوقون إلى التعامل مع المصارف الإسلامية رغم ثقافتهم المتواضعة في هذا المجال.
مسودة مشروع القانون البنكي المشروع طرحته الأمانة العامة للحكومة بتاريخ 4/11/2012 تحت رقم 34/03 والمتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها.
خصائص المشروع
- طرح فكرة إنشاء بنوك تشاركية عوض منتجات بديلة، تقوم بعرض منتجات إسلامية على زبنائها (المرابحة والإجارة والمشاركة والمضاربة)، كما تقوم بخدمات بنكية ومالية وتجارية واستثمارية ما عدا الخدمات ذات الطابع الربوي؛ – مرة أخرى، تجنب استعمال مصطلح إسلامي؛ – إدخال الرقابة الشرعية من خلال إنشاء لجنة الشريعة المالية، واستعانة هذه اللجنة في الرقابة تم بلجن افتحاص إنشاؤها لتقييم عمل المؤسسة في تقرير سنوي؛ – إنشاء صندوق لضمان الودائع؛ – بالنسبة إلى التمويلات الصغرى، تم إدماج جمعيات السلفات الصغرى في القانون البنكي؛ – ترك الباب مفتوحا لبنك المشاركة، بالإضافة إلى عقود الإجارة والمرابحة والمشاركة والمضاربة، علاوة على أي عقد تمويلي مطابق للشريعة بعد تحديد خصائص هذه العقود بمرسوم من بنك المغرب بعد استشارة لجنة الشريعة المالية ولجنة مؤسسات الائتمان؛ – إمكانية إنشاء فروع للبنوك الإسلامية الأجنبية في المغرب. المآخذ على المشروع البنكي الجديد النص الجديد توقف عند العموميات، وبالتالي ترك العديد من مناطق الفراغ، نذكر منها: – ما يتعلق بالسوق المالية المناسبة للبنوك الإسلامية؛ – ما يتعلق بتحديد العلاقة بين البنوك التشاركية وصندوق ضمان الودائع؛ – ما يتعلق بتوظيف أموال صندوق ضمان الودائع بطريقة إسلامية؛ – ما يتعلق بسيادة لجنة الشريعة للمالية والتي يتولى بنك المغرب تحديد قانونها وتحديد تركيبة أعضائها مع التأكيد على دورها الاستشاري؛ – ما يتعلق بتبعية لجنة الشريعة للمالية للمجلس العلمي الأعلى ومحدودية دورها الاستشاري؛ – ما يتعلق بالعلاقة بين لجنة الشريعة للمالية ولجنة الافتحاص؛ – وكذلك غياب التنصيص على قانون التأمين التكافلي لتأمين البنوك الإسلامية؛ – وغياب التنصيص على عقود السلم والاستصناع والصكوك التي كانت معلنة من قبل من طرف بنك المغرب؛ – في الوقت الذي تبنى فيه مشروع المعاملات البديلة عقد المشاركة ولم يطبقه، تبنى المشروع الجديد إدخال عقد المضاربة رغم كونه أكثر مخاطرة من عقد المشاركة؛ – تتجلى الخطورة بالنسبة إلى التمويلات الصغرى في المادة 18 التي تستثني أحكام الباب الثالث المتعلق بالبنوك التشاركية، من خدمات جمعيات السلفات الصغرى، وتجبرها بالتالي على المعاملات الربوية؛ – تبني الغرامات التأخيرية مع غياب التنصيص على نظامها والجهات الخيرية التي تستطيع الاستفادة منها.
مشروع التأمين التكافلي في المغرب
هو حاليا قيد الدرس، والمشروع المقترح حاليا على غرار مشروع المصارف الإسلامية يفتقر قانونيا إلى الاستقلالية، وهوفقط مشروع تعديل للقانون المنظم للتأمين، بالإضافة إلى أنه محدود الصلاحية لأنه لا يمس إلا التأمين العائلي على الحياة، ولا يسمح لشركات التأمين التقليدية بتقديم خدمات في التأمين التكافلي إلا إذا كانت نابعة من فرع مهيأ أساسا لذلك خلافا لما هو عليه الأمر بالنسبة إلى المنتجات المصرفية. وهذا تأكيد على أن البنوك الإسلامية في المغرب لن تؤمن في الوقت الحالي في مؤسسة تأمين تكافلية، وهي من المفارقات الأساسية، لأن البنوك الإسلامية، من جهة، لا يسمح لها شرعا بأن تؤمن في شركة تأمين تقليدية، ومن جهة أخرى لا حظوظ لنجاح شركة تأمين انطلاقا من التأمين على الحياة لأن تنمية هذا القطاع في المغرب كانت نتيجة احتضان البنوك لمؤسسات التأمين.
شروط نجاح المصارف الإسلامية
- إلغاء نظام الوصاية على البنوك الإسلامية وتعويضه بنظام الاستقلال الذاتي كما هو الشأن بالنسبة إلى البنوك التقليدية؛ – وضع قانون منظم للمصارف الإسلامية، ووضع قانون للتكافل الإسلامي مباشرة بعد ذلك، لأن المصارف تحتاج إلى تأمين، ولا يعقل أن تؤمن في مؤسسة محرمة شرعا، ولأنه -حسب خبير ماليزي- أفضل وسيلة لتقليل مخاطر البنك؛ – تهيئة القانون المنظم للصكوك لأنها وسيلة لتحقيق السيولة النقدية للمصرف على المدى القصير، مقابل ولوج البنوك التقليدية إلى البنك المركزي لتحقيق هذه السيولة بطريقة ربوية؛ – توفير الرأسمال الضروري لانطلاق المصرف والذي يقدر بحوالي 60 مليون دولار، حسب معايير خبراء المالية الإسلامية، مع إمكانية الاعتماد على مساهمة من البنك الإسلامي للتنمية، ومن الدولة، لتشجيع مساهمة مستثمرين خواص؛ – تخفيض الرسوم الضريبية ونسبة الأرباح في الخدمات المصرفية، لوضعها في نفس مستوى الكلفة المسجلة حاليا في البنوك التقليدية؛ – فتح المجال عند الانطلاقة لإعطاء أكثر من رخصة واحدة للبنوك الإسلامية لتجنب حالة الاحتكار السابقة، وبالتالي توفير ظروف المنافسة بين البنوك الإسلامية؛ – إعطاء الرخص للبنوك الإسلامية الأجنبية بعد عملية انتقاء دقيقة لاختيار أحسنها، وتأكيد ضرورة قيامها بدور استثماري أكبر مقارنة بعملياتها التجارية؛ – تهييء الأطر في مجال المعاملات المالية الإسلامية، والاستعانة في ذلك بخبرة البنك الإسلامي للتنمية وخبرة الخبراء الماليزيين وغيرهم في هذا المجال؛ – ويمكن تكرار التجربة عدة مرات مع توجيه كل بنك نحو قطاعات معينة وذات أولوية لضمان التخصص واكتساب الخبرة وتقليل المخاطرة. ثلاثة سيناريوهات مستقبلية محتملة – السيناريو الأول، وهو الأسوأ والأقرب إلى فشل التجربة: أن تسفر المفاوضات الحالية بين الحكومة والبرلمان، من جهة، وبنك المغرب، من جهة ثانية، عن إنتاج قانون للمصارف يقنن بشكل كبير صلاحياته ويجعل البنوك التقليدية هي الوحيدة المتحكمة في إنشاء فروع لها ذات طابع «إسلامي»، ويجعل بنك المغرب ليس فقط مؤسسة محايدة في مصلحة التنافسية الحقيقية بين البنوك، بالإضافة إلى دوره الرقابي الطبيعي لكل المؤسسات الائتمانية بما فيها المؤسسات الإسلامية، بل مؤسسة تخدم فقط مصلحة أرباب البنوك التقليدية، مما سيعيد تجربة دار الصفا في شكل جديد ومضمون قديم، وتبقى كلفة خدماته مرتفعة للحفاظ على أفضلية البنوك الربوية؛ – السيناريو الثاني، وهو ذو بعد اقتصادي إيجابي ولكنه محدود في إطار وطني ضيق: هذا السيناريو هو أقل سوءا، ويستطيع من خلال قانون المصارف الحفاظ على تحرر المصارف الإسلامية من قبضة البنوك التقليدية بعدم فرض شروط تعجيزية لإنشاء مصارف إسلامية من طرف رجال الأعمال المغاربة، وانتقاء أفضل البنوك الإسلامية للتشارك معها، مع السماح قانونيا بإنشاء شركات التكافل لتأمين المصارف، وفتح الباب في آن واحد للقروض بالطريقة الإسلامية عن طريق الصكوك؛ وبذلك ستتسع قاعدة الأبنكة، وستستفيد المقاولات وكذلك الخواص من الخدمات المصرفية الإسلامية؛ – السيناريو الثالث، وينطلق من قراءة دولية وظرفية لبناء المالية الإسلامية في المغرب: هذا السيناريو هو الأكثر طموحا، وفي آن واحد الأكثر واقعية، رغم ظاهره المثالي وهو عدم الاكتفاء بإنشاء بنوك إسلامية محدودة الصلاحيات والإمكانيات، ولكن استغلال الظرفية التاريخية الدولية الحالية لإنشاء مركز مالي دولي إسلامي في الدار البيضاء. وهذا السيناريو يدخل أساسا في إطار التحديات الذي سيواجهها المغرب في العقدين المقبلين لا محالة: تحدٍّ داخلي اجتماعي واقتصادي من خلال مسلسل ارتفاع دائرة البطالة والفقر، بالنظر إلى عوائق السياسات الإصلاحية في المغرب وتواضع نتائجها بعد سياسة التقويم الهيكلي التي فرضت على المغرب في الثمانينيات؛ وتحدٍّ خارجي بالنظر إلى ارتباط المغرب اقتصاديا وماليا بالسوق الأوربية أساسا وتوقعات الخبراء باحتمال استمرار الأزمة لسنوات، وبالتالي انعكاساتها السلبية المستمرة المحتملة على المغرب. لذا يفترض أن يكون للمغرب تصور مستقبلي للمشاريع الكبرى التي يمكنها أن تحقق نسبة نمو عالية على مدى طويل تتراوح بين 6 و8 في المائة على غرار ما تحققه حاليا الدول الآسيوية لاستيعاب تنامي البطالة والفقر، وبذلك تحافظ على استقراره، السياسي والاجتماعي، الضروري لجلب مزيد من الاستثمارات الأجنبية في المغرب. وهذا السيناريو يقتضي النظرة بعيدة المدى ويدخل في عداد الحلول الكبرى الممكنة لبناء مستقبل المغرب، خصوصا وقد توفرت بطريقة ظرفية العناصر الموضوعية التالية لنجاح هذا السيناريو: – الوضع الجغرافي للمغرب، وهو وضع فريد من نوعه لأنه في مفترق طرق مركزي من ثلاثة أسواق عالمية: السوق الأوربية والسوق العربية والإسلامية المجاورة والسوق الإفريقية الواعدة مستقبلا؛ – الأزمة العالمية التي تسببت في نتيجتين: انخفاض الطلب على الصادرات المغربية، وتحويلات الجالية المغربية المهاجرة وانحباس التوظيف المالي السنوي لدول الخليج في هذه الأسواق والتي تقدر بحوالي 150 مليار دولار سنويا، مما سبب تراكما ماليا في هذه الدول يفوق 400 مليار دولار، يبحث حثيثا عن بدائل استثمارية بعد أن سدت في وجهه السوق الاستثمارية العربية بسبب الربيع العربي
المساء
الوضع الحالي للدراسات والتكوين في مجال المالية الإسلامية بالمغرب
رغم بطء ورداءة المنجزات على أرض الواقع في مجال المالية الإسلامية، عرف المغرب خلال السنوات الأخيرة حراكا كبيرا على مستوى البحث والتكوين، تمثل أساسا في ظهور عدد من الدراسات في شكل رسائل جامعية وإصدارات تعريفية بالمالية الإسلامية أو تقييمية للتجربة المغربية في مجال المنتجات البديلة: – دور الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في الاقتصاد الإسلامي التي تقوم حاليا، بالإضافة إلى نشاطاتها المتعددة في مجال التوعية، بالتخطيط لإنشاء مركز مخصص للبحث العلمي؛ – على المستوى الجامعي، انطلاق مشاريع تدريس المالية الإسلامية وتدريسها حاليا كمادة في ماجستير البنوك والمالية في انتظار تأسيس تخصص مستقل في هذا المجال بدعم من بعض رؤساء المعاهد والجامعات؛ – على مستوى المعاهد العليا، اهتمام خاص للمدرسة المحمدية للمهندسين بتدريس المالية الإسلامية في شعبتين للمالية، والقيام بدورات تكوينية مجانية موجهة إلى الباحثين، وإنشاء وحدة للبحث تجمع بين الأساتذة في المدرسة والأطر البنكية والباحثين الاقتصاديين؛ – على مستوى القطاع الخاص، تعدد الندوات والدورات التكوينية في الدار البيضاء خصوصا، وفي مدن أخرى، لبحث سبل تمويل المقاولات الصغيرة والمتوسطة بأساليب مالية شرعية؛ – بروز خبراء دوليين مغاربة في هذا الميدان يشتغلون في أوربا ومستعدون للمساهمة في دعم انطلاق المالية الإسلامية في المغرب؛ – اهتمام أطر عليا من بنك المغرب ومن بنوك مغربية خاصة بالمالية الإسلامية ورغبتهم في القيام بدورات تكوينية في المالية الإسلامية؛ – صدور كتب مغربية في البنوك الإسلامية، ومنها كتاب بطلب من المنظمة الإسلامية للثقافة والعلوم تحت عنوان «المالية الإسلامية واقتصاد المعرفة»؛ – قرب انطلاق ماجستير في المالية الإسلامية في مدرسة عليا بالرباط هي PIIMT وفي معاهد عليا خاصة أخرى. الدراسات حول السوق المالية في المغرب قامت جمعيتنا المغربية للدراسات والبحوث في الاقتصاد الإسلامي، منذ حوالي عشر سنوات، بأول دراسة ميدانية حول السوق المالية الإسلامية في المغرب، خلصت إلى أن 6 في المائة من المقاولات المغربية لا تتعامل أصلا مع الأبناك لأسباب دينية وأن 19 في المائة من المقاولات المغربية ستغير تعاملها من البنوك التقليدية إلى البنوك الإسلامية في حال ظهور هذه الأخيرة، مما يعني آنذاك أن السوق المالية الإسلامية تهم ربع المقاولات المغربية. ومرة أخرى، أكدت الدراسة الحديثة، التي قامت بها مؤسسة IFAAS والتي تطرح مجموعة من الأسئلة حول مستوى معرفة المغاربة بالمعاملات المالية الإسلامية ومستوى رغبتهم فيها، أن أكثر من 90 في المائة من المغاربة يتوقون إلى التعامل مع المصارف الإسلامية رغم ثقافتهم المتواضعة في هذا المجال.
مسودة مشروع القانون البنكي المشروع طرحته الأمانة العامة للحكومة بتاريخ 4/11/2012 تحت رقم 34/03 والمتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها.
خصائص المشروع
- طرح فكرة إنشاء بنوك تشاركية عوض منتجات بديلة، تقوم بعرض منتجات إسلامية على زبنائها (المرابحة والإجارة والمشاركة والمضاربة)، كما تقوم بخدمات بنكية ومالية وتجارية واستثمارية ما عدا الخدمات ذات الطابع الربوي؛ – مرة أخرى، تجنب استعمال مصطلح إسلامي؛ – إدخال الرقابة الشرعية من خلال إنشاء لجنة الشريعة المالية، واستعانة هذه اللجنة في الرقابة تم بلجن افتحاص إنشاؤها لتقييم عمل المؤسسة في تقرير سنوي؛ – إنشاء صندوق لضمان الودائع؛ – بالنسبة إلى التمويلات الصغرى، تم إدماج جمعيات السلفات الصغرى في القانون البنكي؛ – ترك الباب مفتوحا لبنك المشاركة، بالإضافة إلى عقود الإجارة والمرابحة والمشاركة والمضاربة، علاوة على أي عقد تمويلي مطابق للشريعة بعد تحديد خصائص هذه العقود بمرسوم من بنك المغرب بعد استشارة لجنة الشريعة المالية ولجنة مؤسسات الائتمان؛ – إمكانية إنشاء فروع للبنوك الإسلامية الأجنبية في المغرب. المآخذ على المشروع البنكي الجديد النص الجديد توقف عند العموميات، وبالتالي ترك العديد من مناطق الفراغ، نذكر منها: – ما يتعلق بالسوق المالية المناسبة للبنوك الإسلامية؛ – ما يتعلق بتحديد العلاقة بين البنوك التشاركية وصندوق ضمان الودائع؛ – ما يتعلق بتوظيف أموال صندوق ضمان الودائع بطريقة إسلامية؛ – ما يتعلق بسيادة لجنة الشريعة للمالية والتي يتولى بنك المغرب تحديد قانونها وتحديد تركيبة أعضائها مع التأكيد على دورها الاستشاري؛ – ما يتعلق بتبعية لجنة الشريعة للمالية للمجلس العلمي الأعلى ومحدودية دورها الاستشاري؛ – ما يتعلق بالعلاقة بين لجنة الشريعة للمالية ولجنة الافتحاص؛ – وكذلك غياب التنصيص على قانون التأمين التكافلي لتأمين البنوك الإسلامية؛ – وغياب التنصيص على عقود السلم والاستصناع والصكوك التي كانت معلنة من قبل من طرف بنك المغرب؛ – في الوقت الذي تبنى فيه مشروع المعاملات البديلة عقد المشاركة ولم يطبقه، تبنى المشروع الجديد إدخال عقد المضاربة رغم كونه أكثر مخاطرة من عقد المشاركة؛ – تتجلى الخطورة بالنسبة إلى التمويلات الصغرى في المادة 18 التي تستثني أحكام الباب الثالث المتعلق بالبنوك التشاركية، من خدمات جمعيات السلفات الصغرى، وتجبرها بالتالي على المعاملات الربوية؛ – تبني الغرامات التأخيرية مع غياب التنصيص على نظامها والجهات الخيرية التي تستطيع الاستفادة منها.
مشروع التأمين التكافلي في المغرب
هو حاليا قيد الدرس، والمشروع المقترح حاليا على غرار مشروع المصارف الإسلامية يفتقر قانونيا إلى الاستقلالية، وهوفقط مشروع تعديل للقانون المنظم للتأمين، بالإضافة إلى أنه محدود الصلاحية لأنه لا يمس إلا التأمين العائلي على الحياة، ولا يسمح لشركات التأمين التقليدية بتقديم خدمات في التأمين التكافلي إلا إذا كانت نابعة من فرع مهيأ أساسا لذلك خلافا لما هو عليه الأمر بالنسبة إلى المنتجات المصرفية. وهذا تأكيد على أن البنوك الإسلامية في المغرب لن تؤمن في الوقت الحالي في مؤسسة تأمين تكافلية، وهي من المفارقات الأساسية، لأن البنوك الإسلامية، من جهة، لا يسمح لها شرعا بأن تؤمن في شركة تأمين تقليدية، ومن جهة أخرى لا حظوظ لنجاح شركة تأمين انطلاقا من التأمين على الحياة لأن تنمية هذا القطاع في المغرب كانت نتيجة احتضان البنوك لمؤسسات التأمين.
شروط نجاح المصارف الإسلامية
- إلغاء نظام الوصاية على البنوك الإسلامية وتعويضه بنظام الاستقلال الذاتي كما هو الشأن بالنسبة إلى البنوك التقليدية؛ – وضع قانون منظم للمصارف الإسلامية، ووضع قانون للتكافل الإسلامي مباشرة بعد ذلك، لأن المصارف تحتاج إلى تأمين، ولا يعقل أن تؤمن في مؤسسة محرمة شرعا، ولأنه -حسب خبير ماليزي- أفضل وسيلة لتقليل مخاطر البنك؛ – تهيئة القانون المنظم للصكوك لأنها وسيلة لتحقيق السيولة النقدية للمصرف على المدى القصير، مقابل ولوج البنوك التقليدية إلى البنك المركزي لتحقيق هذه السيولة بطريقة ربوية؛ – توفير الرأسمال الضروري لانطلاق المصرف والذي يقدر بحوالي 60 مليون دولار، حسب معايير خبراء المالية الإسلامية، مع إمكانية الاعتماد على مساهمة من البنك الإسلامي للتنمية، ومن الدولة، لتشجيع مساهمة مستثمرين خواص؛ – تخفيض الرسوم الضريبية ونسبة الأرباح في الخدمات المصرفية، لوضعها في نفس مستوى الكلفة المسجلة حاليا في البنوك التقليدية؛ – فتح المجال عند الانطلاقة لإعطاء أكثر من رخصة واحدة للبنوك الإسلامية لتجنب حالة الاحتكار السابقة، وبالتالي توفير ظروف المنافسة بين البنوك الإسلامية؛ – إعطاء الرخص للبنوك الإسلامية الأجنبية بعد عملية انتقاء دقيقة لاختيار أحسنها، وتأكيد ضرورة قيامها بدور استثماري أكبر مقارنة بعملياتها التجارية؛ – تهييء الأطر في مجال المعاملات المالية الإسلامية، والاستعانة في ذلك بخبرة البنك الإسلامي للتنمية وخبرة الخبراء الماليزيين وغيرهم في هذا المجال؛ – ويمكن تكرار التجربة عدة مرات مع توجيه كل بنك نحو قطاعات معينة وذات أولوية لضمان التخصص واكتساب الخبرة وتقليل المخاطرة. ثلاثة سيناريوهات مستقبلية محتملة – السيناريو الأول، وهو الأسوأ والأقرب إلى فشل التجربة: أن تسفر المفاوضات الحالية بين الحكومة والبرلمان، من جهة، وبنك المغرب، من جهة ثانية، عن إنتاج قانون للمصارف يقنن بشكل كبير صلاحياته ويجعل البنوك التقليدية هي الوحيدة المتحكمة في إنشاء فروع لها ذات طابع «إسلامي»، ويجعل بنك المغرب ليس فقط مؤسسة محايدة في مصلحة التنافسية الحقيقية بين البنوك، بالإضافة إلى دوره الرقابي الطبيعي لكل المؤسسات الائتمانية بما فيها المؤسسات الإسلامية، بل مؤسسة تخدم فقط مصلحة أرباب البنوك التقليدية، مما سيعيد تجربة دار الصفا في شكل جديد ومضمون قديم، وتبقى كلفة خدماته مرتفعة للحفاظ على أفضلية البنوك الربوية؛ – السيناريو الثاني، وهو ذو بعد اقتصادي إيجابي ولكنه محدود في إطار وطني ضيق: هذا السيناريو هو أقل سوءا، ويستطيع من خلال قانون المصارف الحفاظ على تحرر المصارف الإسلامية من قبضة البنوك التقليدية بعدم فرض شروط تعجيزية لإنشاء مصارف إسلامية من طرف رجال الأعمال المغاربة، وانتقاء أفضل البنوك الإسلامية للتشارك معها، مع السماح قانونيا بإنشاء شركات التكافل لتأمين المصارف، وفتح الباب في آن واحد للقروض بالطريقة الإسلامية عن طريق الصكوك؛ وبذلك ستتسع قاعدة الأبنكة، وستستفيد المقاولات وكذلك الخواص من الخدمات المصرفية الإسلامية؛ – السيناريو الثالث، وينطلق من قراءة دولية وظرفية لبناء المالية الإسلامية في المغرب: هذا السيناريو هو الأكثر طموحا، وفي آن واحد الأكثر واقعية، رغم ظاهره المثالي وهو عدم الاكتفاء بإنشاء بنوك إسلامية محدودة الصلاحيات والإمكانيات، ولكن استغلال الظرفية التاريخية الدولية الحالية لإنشاء مركز مالي دولي إسلامي في الدار البيضاء. وهذا السيناريو يدخل أساسا في إطار التحديات الذي سيواجهها المغرب في العقدين المقبلين لا محالة: تحدٍّ داخلي اجتماعي واقتصادي من خلال مسلسل ارتفاع دائرة البطالة والفقر، بالنظر إلى عوائق السياسات الإصلاحية في المغرب وتواضع نتائجها بعد سياسة التقويم الهيكلي التي فرضت على المغرب في الثمانينيات؛ وتحدٍّ خارجي بالنظر إلى ارتباط المغرب اقتصاديا وماليا بالسوق الأوربية أساسا وتوقعات الخبراء باحتمال استمرار الأزمة لسنوات، وبالتالي انعكاساتها السلبية المستمرة المحتملة على المغرب. لذا يفترض أن يكون للمغرب تصور مستقبلي للمشاريع الكبرى التي يمكنها أن تحقق نسبة نمو عالية على مدى طويل تتراوح بين 6 و8 في المائة على غرار ما تحققه حاليا الدول الآسيوية لاستيعاب تنامي البطالة والفقر، وبذلك تحافظ على استقراره، السياسي والاجتماعي، الضروري لجلب مزيد من الاستثمارات الأجنبية في المغرب. وهذا السيناريو يقتضي النظرة بعيدة المدى ويدخل في عداد الحلول الكبرى الممكنة لبناء مستقبل المغرب، خصوصا وقد توفرت بطريقة ظرفية العناصر الموضوعية التالية لنجاح هذا السيناريو: – الوضع الجغرافي للمغرب، وهو وضع فريد من نوعه لأنه في مفترق طرق مركزي من ثلاثة أسواق عالمية: السوق الأوربية والسوق العربية والإسلامية المجاورة والسوق الإفريقية الواعدة مستقبلا؛ – الأزمة العالمية التي تسببت في نتيجتين: انخفاض الطلب على الصادرات المغربية، وتحويلات الجالية المغربية المهاجرة وانحباس التوظيف المالي السنوي لدول الخليج في هذه الأسواق والتي تقدر بحوالي 150 مليار دولار سنويا، مما سبب تراكما ماليا في هذه الدول يفوق 400 مليار دولار، يبحث حثيثا عن بدائل استثمارية بعد أن سدت في وجهه السوق الاستثمارية العربية بسبب الربيع العربي
المساء