قال البروفيسور في الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا، يونس صوالحي، إن هنا فروقات بين سوق العمل المصرفي الاسلامي في ماليزيا والدول العربية، خاصة الخليجية، تتركز في الفوارق والاختلافات الفقهية، فيما اعتبر أن أبرز أسس نجاح الصيرفة الماليزية الاسلامية هو تمتين الإطار الشرعي لعملية الصيرفة الإسلامية وتبني الدولة الماليزية لخطة تطوير هذا القطاع ضمن الاستراتيجية الاقتصادية العامة للبلاد على مدار 15 سنة مقبلة.
وكشف صوالحي في مقابلة خاصة لـCNN بالعربية، على هامش مشاركته في المؤتمر الأول للمالية والمصرفية الإسلامية في العاصمة عمّان الأربعاء، أن غالبية العملاء ومتلقي الخدمات المصرفية الإسلامية في ماليزيا هم من غير المسلمين، لأسباب متعلقة بالمنافع المتأتية من تطبيقها.
وكشف صوالحي في مقابلة خاصة لـCNN بالعربية، على هامش مشاركته في المؤتمر الأول للمالية والمصرفية الإسلامية في العاصمة عمّان الأربعاء، أن غالبية العملاء ومتلقي الخدمات المصرفية الإسلامية في ماليزيا هم من غير المسلمين، لأسباب متعلقة بالمنافع المتأتية من تطبيقها.
ورأى صوالحي في حديثه، أن الاختلافات الفقهية بين الدول العربية في الخليج ودول ماليزيا واندونيسيا وبروناي وسنغافورة من شأنها أن تنعكس سلبا على تطوير صناعة المصارف الإسلامية، مبينا أن ماليزيا وتلك الدول تحرص على خصوصية الثقافة المصرفية بين بلدانها، وأنها تتجه الآن إلى اجتذاب رؤوس الأموال في الخليج عبر تصحيح بعض المبادئ المصرفية بما يتلاءم مع التوجهات الفقهية في بلدان الخليج العربية.
وفيما يلي نص المقابلة:
- على ضوء تطور التجربة الماليزية المصرفية الإسلامية ماهي أبرز الفروق بينها وبين التجربة ذاتها في الدول العربية؟
هناك فروق جوهرية ثلاثة: أولها الإطار التشريعي، فنجد أن ماليزيا عملت منذ نحو ثلاثين سنة على تطوير الإطار التشريعي بخلاف الدول العربية التي تأخرت كثيرا في إيجاد هذا الإطار التشريعي والقانوني بل إن بعض الدول العربية والاسلامية ليس لديها للآن تشريعات تنظم المصرفية الإسلامية، وبدأنا نسمع قبل أشهر ان المغرب بدأت تطور قانون المصارف وليبيا كذلك، وهنا في الأردن بدأوا مؤخرا من خلال قانون الصكوك.
ثانيا الفارق الخاص بالإطار والبنية التحية، وهي أساسا المصارف في أسواق رأس المال متمثلة في مكاتب الوساطة ومكاتب المحاماة والتدريب والتعليم، وهذه أسس تطورت في ماليزيا، والان تمر ماليزيا بمرحلة صقل النموذج بحيث يُسوّق خارج ماليزيا. الدول العربية بالرغم أنها كانت رائدة إن صح التعبير في هذا المجال مثل دبي، لكن البنية التحتية حديثة نسيبا.
ثالثا هناك قضية الترابط القوي بين المصارف وأسواق رأس المال وشركات التأمين الاسلامي، بحيث أن تعمل مع بعضها في ثلاثية مفيدة لصناعة المصارف الإسلامية. في ماليزيا هناك ترابط قوي بين هذه المؤسسات الثلاثة إضافة إلى الدعم الذي تحظى به من المؤسسات التعليمية ومؤسسات التدريب وفق رؤية استراتيجية خلال 10 – 15 سنة، لتحقيق كفاية في الموارد البشرية. في الدول العربية بدأ دعم هذا الجانب، هذا في الشق القانوني، لكن أيضا هناك جانب طورته ماليزيا وهو الإطار "الشرعي" للمصرفية الاسلامية والذي تمثل في معيار الحوكمة أي حوكمة المصارف الاسلامية أو حوكمة الإطار الشرعي للمصارف الإسلامية، هذا من أهم ما تم تحقيقه في هذا المجال، حيث استقل القرار الشرعي عن قرار المؤسسات، الشفافية والإفصاح باتا أكثر، بالإضافة إلى متانة الإطار الشرعي المتمثل في توحيد القرارات الشرعية الصادرة عن البنك المركزي الماليزي، ماليزيا كانت سباقة في تأسيس هيئة الشرعية الموحدة حيث تعتبر قراراها نافذا وفاصلا وملزما حتى على المحاكم المدنية التي تفصل في القضايا المالية الإسلامية. وهذا غير موجود في أي دولة عربية حتى الآن.
-ماذا عن المشاكل التي واجهت ماليزيا في توعية المودعين بالصيرفة الإسلامية وتعميم الفكرة في البلاد؟
ماليزيا اختصرت الطريق في مسائل التوعية وجذب العملاء عبر أن الدولة، ممثلة في رئيس الحكومة والبنك المركزي، وضعت "المصرفية الإسلامية" ضمن الخطة الاقتصادية للبلاد التي ستتحقق بعد 15 إلى 20 سنة، هي جزء أساسي ضمن الخطة الاقتصادية التنموية للبلاد، هذه لوحدها كافية أن يشعر المواطن أن هذا القطاع مهم وحساس.
محافظة البنك المركزي في ماليزيا عندما تخرج للحديث عبر وسائل الإعلام تتحدث عنه بحرارة وتشعر أن هذا المشروع هو المشروع الأم في البلد، إضافة إلى حملات التوعية المتواصلة المصارف الاسلامية في ماليزيا اليوم التي لديها مؤشرات نجاح من أهمها مدى جذب العملاء والتسهيلات المقدمة إضافة إلى بعض الممارسات التي تبعث على التوعية، مثلا من المشروعات التي قامت بها الحكومة المتعلقة بالبنية التحتية الأساسية الإعلان عن إنشاء قطار مترو، حيث أصرت الحكومة على أن تمويله جزئيا عن طريق الصكوك الإسلامية، وعرضت هذه الصكوك ومعظم من اشتراها – وهو أمر يثير الاستغراب – كانوا من غير المسلمين، كما أن 60- 70 في المائة من عملاء المصارف الإسلامية في ماليزيا من غير المسلمين.
وهذا يدل على أن طريقة تسويق المنتج تتركز على أنه منتج فعال يدخل في إطار استغلال قطاع جديد على السوق وهو المصرفية الاسلامية، وجد فيه غير المسلمين فرصة أساسية للاستثمار وأقل خطورة ويعود عليهم بشيء من العوائد، لذلك هناك ثلاث منافع لغير المسلمين، فضلا عن الفائدة المضافة للمسلمين حيث يتناسب هذا النظام مع عقيدته ومبادئه الاسلامية، لذلك هناك حرص على طريقة التسويق في ماليزيا أن هذا منتج فعال ومشروع مربح، هذه من أسرار نجاح المصرفية الإسلامية في ماليزيا.
- ماذا عن الاختلاف الفقهي بين الدول العربية وماليزيا، كيف يؤثر على تطور الصناعة المصرفية الإسلامية؟
هذه قضية رئيسية أخرى، لأن هناك اختلافات فقهية ربما في نحو ثلاثة أو أربع مسائل من بينها بيع الديون والتورق واستخدام بعض المشتقات المالية من أجل التحوط، ولذلك ماليزيا تختلف عن المشرق وطرحت مؤخرا في أكثر من مؤتمر التأثير السلبي لهذا الخلاف الفقهي ، فبدأت دعوات لتوحيد المعايير وهناك بعض المعايير الموحدة مثل معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (أيوفي) وقرارات المجمع الفقهي، إنما هناك إصرار في ماليزيا وحتى في إندونيسيا وسنغافورة وبروناي على وجود خصوصية لتلك المنطقة حتى في المجال الديني، حيث إن المذهب السائد فيها هو المذهب الشافعي، بخلاف مذاهب أخرى، لذلك هم مدفوعون بالالتزام بالمذهب الفقهي أولا. ثانيا إن طبيعة المنطقة تقتضي هذا النوع من الأحكام الفقهية، فمثلا التورق المحرّم بالخليج هو الطريقة المفضلة للماليزيين في إدارة السيولة، لا يوجد أي طريقة أخرى بالنسبة لهم، وهم أسسوا على ضوئه ما يسمى "بورصة سوق السلع"، وهي عبارة عن منصة للمرابحة في السلع الدولية تسهل عملية السيولة للدول وكبار المستثمرين، تسهّل عملية السيولة بين المصارف المحلية والسيولة النقدية حتى على مستوى العالم، والمرجع الفقهي فيها هو التورق المحرم بالخليج.
- هل تعتقد أن التجربة الماليزية على ضوء ذلك، يمكن توصيفها على أنها تعبر عن نظام ماليزي مصرفي إسلامي يوازيه نظام عربي آخر؟
أميل إلى ألا أقول ذلك لأن المسائل مختلف فيها، سبعة وتسعون في المائة من القضايا الفقهية فيها هي نفسها، وبعض الناس يركزون المسائل الخلافية حيث ويصورون الوضع على أنه متناقض، بل هناك ثلاثة أربعة مسائل ليس إلا مختلف عليها، ثم ماليزيا تراعي خصوصياتها 40 في المائة من الشعب غير مسلم، مقابل 60 في المائة من المسلمين وحتى ضمن هذه النسبة من المسلمين هناك الكثير غير مقتنعين بالمصرفية الإسلامية ولا يرون فرقا كبيرا، فالحكومة الماليزية تعمل وفق منطق مختلف عن الخليج حيث يسود الإسلام بين السكان مع ميل لاستخدام أحكام متحفظة تلائم بيئة الخليج.
أما في ماليزيا، فهذه الأمور لا يمكن تطبيقها، فإذا منعت التورق تمنع المصارف أن تنتج سيولة. وهذا عائد إلى أن المذهب الشافعي في ماليزيا هو الذي يبيح بيع الدين والتورق إلى غير ذلك، كما أن الثقافة المصرفية الموجودة في ماليزيا وإندونيسيا لا يلائمها إلا هذا النوع من الأحكام حاليا، رغم ذلك هم يعملون الآن على تحسين بعض المنتجات المصرفية، من بينها مثلا بيع "العينة" مدة ثلاثين سنة، وهو بيع كل الفقهاء يحرمونه ما عدا المذهب الشافعي وبشروط معينة، وماليزيا صححت هذه المعاملة وجعلتها متوافقة مع الشريعة الإسلامية بشكل كبير، ولذلك هم يتجهون لجذب رؤوس أموال في الخليج كواحد من الأسباب ليس فقط التركيز على الجوانب الربحية، حيث تعمل ماليزيا على التعامل مع الأسواق الخليجية لتوفير حد أدنى من التوافق الشرعي مع عملاء الخليج، وحاولت ماليزيا أن توائم أنظمتها مع ما يريد هؤلاء، ونجحت في ذلك.
- هل تنصحون بمشاريع دمج المصارف الإسلامية على غرار ما جرى في ماليزيا؟
نعم أعلن مؤخرا عن دمج بنكي "سي آي إم بي" مع بنك "آر إتش بي" مع بنك ثالث لتأسيس "ميغا بنك"، لا يقل رأس ماله عن مليار دولار أمريكي، وهذا يهدف إلى تحسين المنافسة وقوية رأس المال والانخراط في مشاريع البنية التحتية لأنه ما من مصرف يمكنه القيام بذلك بمفرده، وهو نظام حماية للبنوك الضعيفة، وقد جذب عملاء جدد، أنا أؤيد الدمج.
وفيما يلي نص المقابلة:
- على ضوء تطور التجربة الماليزية المصرفية الإسلامية ماهي أبرز الفروق بينها وبين التجربة ذاتها في الدول العربية؟
هناك فروق جوهرية ثلاثة: أولها الإطار التشريعي، فنجد أن ماليزيا عملت منذ نحو ثلاثين سنة على تطوير الإطار التشريعي بخلاف الدول العربية التي تأخرت كثيرا في إيجاد هذا الإطار التشريعي والقانوني بل إن بعض الدول العربية والاسلامية ليس لديها للآن تشريعات تنظم المصرفية الإسلامية، وبدأنا نسمع قبل أشهر ان المغرب بدأت تطور قانون المصارف وليبيا كذلك، وهنا في الأردن بدأوا مؤخرا من خلال قانون الصكوك.
ثانيا الفارق الخاص بالإطار والبنية التحية، وهي أساسا المصارف في أسواق رأس المال متمثلة في مكاتب الوساطة ومكاتب المحاماة والتدريب والتعليم، وهذه أسس تطورت في ماليزيا، والان تمر ماليزيا بمرحلة صقل النموذج بحيث يُسوّق خارج ماليزيا. الدول العربية بالرغم أنها كانت رائدة إن صح التعبير في هذا المجال مثل دبي، لكن البنية التحتية حديثة نسيبا.
ثالثا هناك قضية الترابط القوي بين المصارف وأسواق رأس المال وشركات التأمين الاسلامي، بحيث أن تعمل مع بعضها في ثلاثية مفيدة لصناعة المصارف الإسلامية. في ماليزيا هناك ترابط قوي بين هذه المؤسسات الثلاثة إضافة إلى الدعم الذي تحظى به من المؤسسات التعليمية ومؤسسات التدريب وفق رؤية استراتيجية خلال 10 – 15 سنة، لتحقيق كفاية في الموارد البشرية. في الدول العربية بدأ دعم هذا الجانب، هذا في الشق القانوني، لكن أيضا هناك جانب طورته ماليزيا وهو الإطار "الشرعي" للمصرفية الاسلامية والذي تمثل في معيار الحوكمة أي حوكمة المصارف الاسلامية أو حوكمة الإطار الشرعي للمصارف الإسلامية، هذا من أهم ما تم تحقيقه في هذا المجال، حيث استقل القرار الشرعي عن قرار المؤسسات، الشفافية والإفصاح باتا أكثر، بالإضافة إلى متانة الإطار الشرعي المتمثل في توحيد القرارات الشرعية الصادرة عن البنك المركزي الماليزي، ماليزيا كانت سباقة في تأسيس هيئة الشرعية الموحدة حيث تعتبر قراراها نافذا وفاصلا وملزما حتى على المحاكم المدنية التي تفصل في القضايا المالية الإسلامية. وهذا غير موجود في أي دولة عربية حتى الآن.
-ماذا عن المشاكل التي واجهت ماليزيا في توعية المودعين بالصيرفة الإسلامية وتعميم الفكرة في البلاد؟
ماليزيا اختصرت الطريق في مسائل التوعية وجذب العملاء عبر أن الدولة، ممثلة في رئيس الحكومة والبنك المركزي، وضعت "المصرفية الإسلامية" ضمن الخطة الاقتصادية للبلاد التي ستتحقق بعد 15 إلى 20 سنة، هي جزء أساسي ضمن الخطة الاقتصادية التنموية للبلاد، هذه لوحدها كافية أن يشعر المواطن أن هذا القطاع مهم وحساس.
محافظة البنك المركزي في ماليزيا عندما تخرج للحديث عبر وسائل الإعلام تتحدث عنه بحرارة وتشعر أن هذا المشروع هو المشروع الأم في البلد، إضافة إلى حملات التوعية المتواصلة المصارف الاسلامية في ماليزيا اليوم التي لديها مؤشرات نجاح من أهمها مدى جذب العملاء والتسهيلات المقدمة إضافة إلى بعض الممارسات التي تبعث على التوعية، مثلا من المشروعات التي قامت بها الحكومة المتعلقة بالبنية التحتية الأساسية الإعلان عن إنشاء قطار مترو، حيث أصرت الحكومة على أن تمويله جزئيا عن طريق الصكوك الإسلامية، وعرضت هذه الصكوك ومعظم من اشتراها – وهو أمر يثير الاستغراب – كانوا من غير المسلمين، كما أن 60- 70 في المائة من عملاء المصارف الإسلامية في ماليزيا من غير المسلمين.
وهذا يدل على أن طريقة تسويق المنتج تتركز على أنه منتج فعال يدخل في إطار استغلال قطاع جديد على السوق وهو المصرفية الاسلامية، وجد فيه غير المسلمين فرصة أساسية للاستثمار وأقل خطورة ويعود عليهم بشيء من العوائد، لذلك هناك ثلاث منافع لغير المسلمين، فضلا عن الفائدة المضافة للمسلمين حيث يتناسب هذا النظام مع عقيدته ومبادئه الاسلامية، لذلك هناك حرص على طريقة التسويق في ماليزيا أن هذا منتج فعال ومشروع مربح، هذه من أسرار نجاح المصرفية الإسلامية في ماليزيا.
- ماذا عن الاختلاف الفقهي بين الدول العربية وماليزيا، كيف يؤثر على تطور الصناعة المصرفية الإسلامية؟
هذه قضية رئيسية أخرى، لأن هناك اختلافات فقهية ربما في نحو ثلاثة أو أربع مسائل من بينها بيع الديون والتورق واستخدام بعض المشتقات المالية من أجل التحوط، ولذلك ماليزيا تختلف عن المشرق وطرحت مؤخرا في أكثر من مؤتمر التأثير السلبي لهذا الخلاف الفقهي ، فبدأت دعوات لتوحيد المعايير وهناك بعض المعايير الموحدة مثل معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (أيوفي) وقرارات المجمع الفقهي، إنما هناك إصرار في ماليزيا وحتى في إندونيسيا وسنغافورة وبروناي على وجود خصوصية لتلك المنطقة حتى في المجال الديني، حيث إن المذهب السائد فيها هو المذهب الشافعي، بخلاف مذاهب أخرى، لذلك هم مدفوعون بالالتزام بالمذهب الفقهي أولا. ثانيا إن طبيعة المنطقة تقتضي هذا النوع من الأحكام الفقهية، فمثلا التورق المحرّم بالخليج هو الطريقة المفضلة للماليزيين في إدارة السيولة، لا يوجد أي طريقة أخرى بالنسبة لهم، وهم أسسوا على ضوئه ما يسمى "بورصة سوق السلع"، وهي عبارة عن منصة للمرابحة في السلع الدولية تسهل عملية السيولة للدول وكبار المستثمرين، تسهّل عملية السيولة بين المصارف المحلية والسيولة النقدية حتى على مستوى العالم، والمرجع الفقهي فيها هو التورق المحرم بالخليج.
- هل تعتقد أن التجربة الماليزية على ضوء ذلك، يمكن توصيفها على أنها تعبر عن نظام ماليزي مصرفي إسلامي يوازيه نظام عربي آخر؟
أميل إلى ألا أقول ذلك لأن المسائل مختلف فيها، سبعة وتسعون في المائة من القضايا الفقهية فيها هي نفسها، وبعض الناس يركزون المسائل الخلافية حيث ويصورون الوضع على أنه متناقض، بل هناك ثلاثة أربعة مسائل ليس إلا مختلف عليها، ثم ماليزيا تراعي خصوصياتها 40 في المائة من الشعب غير مسلم، مقابل 60 في المائة من المسلمين وحتى ضمن هذه النسبة من المسلمين هناك الكثير غير مقتنعين بالمصرفية الإسلامية ولا يرون فرقا كبيرا، فالحكومة الماليزية تعمل وفق منطق مختلف عن الخليج حيث يسود الإسلام بين السكان مع ميل لاستخدام أحكام متحفظة تلائم بيئة الخليج.
أما في ماليزيا، فهذه الأمور لا يمكن تطبيقها، فإذا منعت التورق تمنع المصارف أن تنتج سيولة. وهذا عائد إلى أن المذهب الشافعي في ماليزيا هو الذي يبيح بيع الدين والتورق إلى غير ذلك، كما أن الثقافة المصرفية الموجودة في ماليزيا وإندونيسيا لا يلائمها إلا هذا النوع من الأحكام حاليا، رغم ذلك هم يعملون الآن على تحسين بعض المنتجات المصرفية، من بينها مثلا بيع "العينة" مدة ثلاثين سنة، وهو بيع كل الفقهاء يحرمونه ما عدا المذهب الشافعي وبشروط معينة، وماليزيا صححت هذه المعاملة وجعلتها متوافقة مع الشريعة الإسلامية بشكل كبير، ولذلك هم يتجهون لجذب رؤوس أموال في الخليج كواحد من الأسباب ليس فقط التركيز على الجوانب الربحية، حيث تعمل ماليزيا على التعامل مع الأسواق الخليجية لتوفير حد أدنى من التوافق الشرعي مع عملاء الخليج، وحاولت ماليزيا أن توائم أنظمتها مع ما يريد هؤلاء، ونجحت في ذلك.
- هل تنصحون بمشاريع دمج المصارف الإسلامية على غرار ما جرى في ماليزيا؟
نعم أعلن مؤخرا عن دمج بنكي "سي آي إم بي" مع بنك "آر إتش بي" مع بنك ثالث لتأسيس "ميغا بنك"، لا يقل رأس ماله عن مليار دولار أمريكي، وهذا يهدف إلى تحسين المنافسة وقوية رأس المال والانخراط في مشاريع البنية التحتية لأنه ما من مصرف يمكنه القيام بذلك بمفرده، وهو نظام حماية للبنوك الضعيفة، وقد جذب عملاء جدد، أنا أؤيد الدمج.