بين الآمال المعلقة على الإصلاح، والارتياب في أن تكون مجرد مبادرة كسابقاتها ينظر العالم إلى اتفاقية بازل 3 التي تم الإعلان عنها أخيراً بهدف إصلاح القطاع المصرفي وتجنيبه ويلات الأزمات.
وبالنسبة للمصرفية الإسلامية فإن الشواهد تشير إلى أنها الصناعة الأكثر استجابة لبنود تلك الاتفاقية، بل إن البعض يرى أنها مجرد تقنين لمبادئ المصرفية الإسلامية. وعلى سبيل المثال فإن البنوك السعودية أبدت استجابة مبشرة؛ حيث إنها حققت معدلات تفوق أحياناً ما تطالب به "بازل 3"
وبالنسبة للمصرفية الإسلامية فإن الشواهد تشير إلى أنها الصناعة الأكثر استجابة لبنود تلك الاتفاقية، بل إن البعض يرى أنها مجرد تقنين لمبادئ المصرفية الإسلامية. وعلى سبيل المثال فإن البنوك السعودية أبدت استجابة مبشرة؛ حيث إنها حققت معدلات تفوق أحياناً ما تطالب به "بازل 3"
البنوك الإسلامية تلبي بنود "بازل 3"
تعد البنوك الإسلامية من أكبر البنوك العالمية من حيث حجم رأس المال، كما أنها المؤسسات التي تضع معايير تعد بدورها الأكثر صرامة. هكذا استهل الدكتور علي خورشيد ـــ المتخصص في التمويل الإسلامي واستشاري الشريعة في بريطانيا ـــ تقريراً بعنوان "بازل 3 تدعم مبادئ المصرفية الإسلامية".
وأضاف أنه نظراً لوضعية البنوك الإسلامية بين المؤسسات المالية العالمية فإنها تعد آمنة إلى حد كبير مقارنة بنظرائها من البنوك الأوروبية والأمريكية. وقد بلغت متطلبات رأس المال الإجمالي من المستوى الأول Tier1، وإجمالي رأس المال 8 في المئة و12 في المئة على الترتيب، وهي معدلات أعلى من التي وضعتها "بازل 3" كهدف للتحقق في 2019، والتي لا تزيد على 6 في المئة و12 في المئة على الترتيب. وتفرض قواعد "بازل 3" ـــ المقرر لها عام 2019 آخر موعد للعمل بها ـــ على البنوك زيادة الأموال التي تخصصها كبند احتياطي لسد الثغرات المالية، في حال حدوث أزمة أو شح في النقد، مثلما حدث في أزمة الائتمان الأخيرة. ورفعت الاتفاقية الجديدة نسبة الاحتياطي بأكثر من ثلاثة أضعاف لتصل إلى 7 في المئة. ويرصد الخبراء أن البنك الإسلامي لديه متطلبات رأس مال أكبر مما تقترحه "بازل 3". وأفاد بنك التسويات الدولية BIS في ديسمبر 2010 بأنه تم التوصل لاتفاق يتم بمقتضاه زيادة معدلات رأس المال الأساسية للبنوك. وتحقق الحد الأدنى من متطلبات common equity والأقصى من رأس مال امتصاص الخسائر، وهو ما يعمل على زيادة أموال الاحتياط إلى 4.5 في المئة بعد أن كانت 2 في المئة بعد تطبيق تعديلات صارمة.
ومن المتوقع أن يتم الوصول إلى هذه الأهداف بحلول عام 2015. كما تزداد متطلبات رأس المال الإجمالي من المستوي الأول من 4 في المئة إلى 6 في المئة خلال الفترة نفسها. وينتظر أن تسهم تلك المبادرات في رفع متطلبات الاحتياطيات إلى 7 في المئة. وإذا كان البنك لديه متطلبات احتياطيات تقل عن 7 في المئة فإنه يجب تقليص توزيع الأرباح لتصل إلى سقف 7 في المئة. وهذه الضوابط يجب أن تطبق على الأرباح والأجور التنفيذية بما في ذلك العلاوات.
وهذه التغييرات من شأنها أن تجبر طاقة البنك على امتصاص الخسائر المستقبلية. ولقد تم تمديد الفترة الانتقالية لبنوك العالم كي تطبق تلك القواعد إلى مطلع عام 2019 بدلاً من نهاية 2013 التي تم تحديدها في العام الماضي. وقد قوبل هذا التمديد بترحاب بالغ من مجتمع المستثمرين.
ويرى خورشيد أنه من المبكر تقويم تلك التغييرات التنظيمية بشكل كامل، ولا سيما أن البنوك الإسلامية تخضع بالفعل لالتزامات "بازل 2".
كما تتجه "بازل 3" إلى فرض مزيد من القيود على البنوك بغرض الحد من قدرتها على المضاربات في الأسواق المالية، وهو الأمر الذي أثبتت الأزمة الأخيرة أن البنوك الإسلامية بمنأى عنه؛ وبالتالي فهي ليست بحاجة إلى مثل هذا الإجراء.
أفاد تقرير لبيت الاستثمار العالمي Global Investment Research أن البنوك السعودية تحتل موقعاً متميزاً بالنسبة لتوفير الاحتياطي بالمعدلات التي أوصت بها لجنة بازل. وقد حققت البنوك السعودية متطلبات رأس مال إجمالي من المستوى الأول بلغت نسبتها 10 في المئة خلال عام 2009 والنصف الأول من 2010، لتبقى أعلى من متطلبات الحد الأدنى بمعدل 4 في المئة وفقاً لـ "بازل 2"، و6 في المئة طبقاً لما تقرره "بازل3". ويشير التقرير إلى أن البنوك السعودية واثقة إلى حد كبير بقوة إمكاناتها بما يجعلها لا تخشى أية مستجدات في النظام المالي.
وحتى في عام 2008 الذي شهد اندلاع المخاوف لأقصى حد كانت البنوك السعودية مرفوعة الرأس ـــ على حد تعبير التقريرـــ برأس مال إجمالي من المستوى الأول تعدى 8 في المئة وهو معدل كافٍ لتلبية تلك المتطلبات. ويقتبس التقرير تعليقاً لصندوق النقد الدولي يقول إن عمليات البنك المركزي السعودي تتجه صوب زيادة الثقة بالنظام المصرفي السعودي وتبشر بنمو نقدي. ويضيف أن ما يؤكد هذا هو الأداء المتميز للبنوك السعودية، الذي مكنها من تجاوز الأزمة المالية العالمية.
ويؤكد الخبراء ـــ عبر التقرير ـــ أن النظام المصرفي السعودي يمتلك مقومات النمو على المدى البعيد. ويرجع ذلك إلى توافر إمكانات النمو الاقتصادي في المملكة، وانخفاض مستوى الاختراق النقدي penetration، وزيادة الإقبال المحلي. ويختم التقرير بأن البنوك السعودية حققت نمواً متواضعاً في مجالي الأصول والقروض بنسبة 4 في المئة و6 في المئة في عام 2010، إلا أنه من الممكن أن تتضاعف تلك المعدلات خلال العام الجاري.
تمويل التجارة الإسلامية
تعد التجارة السوق الأكبر في التمويل الإسلامي، إذ تحقق نمواً سنوياً ـــ مع الاصول ـــ يقدر بـ 30 في المئة، ويبدو السيناريو مبشراً فيما يتعلق ببنوك الجملة الإسلامية wholesale أو البنوك التجارية.
وتستعرض Camille Klass توجهات السوق ومساعي البنوك لنيل نصيب أوفر من تلك السوق. وترصد أن التمويل التجاري يتوقع له الازدهار مجدداً، مما يساعد على تحقيق معدلات نمو أكبر لقطاع بنوك الجملة الإسلامية. وقد كان للأزمة العالمية تأثير واضح في انخفاض معدلات التجارة إلى حد كبير. وهو ما أثر في أنشطة تمويل وتجارة الجملة المطابقة للشريعة الإسلامية على الرغم من أن البنوك الإسلامية التي شاركت في تلك الأنشطة حققت نمواً يقدر بـ 30 في المئة سنوياً ـــ طبقاً لتقديرات شركة أوليفر ويمان للاستشارات الإدارية العالمية.
وتعد التجارة جنبا إلى جنب مع رأس المال، مفتاح النمو الإيجابي لصناعة التمويل الإسلامي ـــ بحسب موسى عبد الملك المدير التنفيذي لبنك HSBC- أمانة ـــ ماليزيا. ويشاركه الرأي جاك تريبو المدير التنفيذي لبنك BNP باريبا نجمة في البحرين، مضيفاً أن التجارة في طريقها لأن تكون محركاً رئيساً في عالم الاقتصاد، ومن ثم فإن البنك يبذل قصارى جهده كي يطور أعماله التجارية. ويشير إلى أن البنك لديه لاعب قوي في مجال تمويل التجارة، ويعمل على دعمه؛ وبالتالي دعم المصرفية الإسلامية كجزء مهم منه.
ويقدر حجم نمو التجارة العالمية التي تم التعاقد عليها خلال 2009 بنحو 12.2 في المئة، نمت بدورها بمعدل 9 في المئة في العام الماضي ـــ طبقاً لتقديرات منظمة التجارة العالمية. وقد هبط إجمالي قيمة البضائع العالمية في 2009 بنسبة 23 في المئة عن سابقتها ليصل إلى 12.15 تريليون دولار.
وبسبب ظروف تعافي السوق والارتفاع الذي تشهده قيمة التجارة فإن المنتجات ذات الصلة ستشهد طفرة في الطلب بما في ذلك المنتجات التجارية ـــ بحسب توقعات موسى عبد الملك. وتشمل منتجات تمويل التجارة الإسلامي: خطابات الضمان، وإيصالات الأمانة، والفواتير مقبولة الدفع، وتمويل رأس المال العامل، وضمانات البنك والنقل. ويقوم بنك BNP باريبا بتطوير عرض تمويل تجاري يتضمن تمويل استيراد LC، وتخفيض لفواتير التصدير لتعزيز تمويل التجارة.
ولم يكن BNP وHSBC البنكين الإسلاميين الوحيدين اللذين يبحثان عن زيادة حجم أعمالهما في قطاع تمويل التجارة. ففي الاتجاه نفسه سار كل من "ستاندرد تشارترد صديق"، وCIMB الإسلامي. ويوضح المدير التنفيذي للأخير أن البنك يتطلع إلى تصميم عروض جذابة للتمويل التجاري، إضافة إلى خدمات إدارة النقد بما يتفق مع الشريعة. وبالنسبة لبنك صديق فهو يهدف إلى تحقيق نمو في حجم أعماله التجارية فضلاً عن زيادة قاعدة عملائه في أسرع وقت. وإضافة إلى منتجات التمويل التجارى يرى المصرفيون أن عملاء بنوك الجملة سوف يحتاجون إلى منتجات تحوط أيضاً في ظل حالة التعافي للتجارة العالمية بحسب ما يشير إليه مسؤول في بنك صديق.
البنك الإسلامي للتنمية كما يلاحظ أن الحاجة إلى حلول تحوط تسير جنباً إلى جنب مع توجه مهم وهو الاهتمام المتزايد بمنتجات المشتقات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. وثم حاجة حقيقية في السوق لأدوات إدارة المخاطر لتقليل مخاطر العملة والسوق والاستثمار. ويعد تطوير أنشطة مشتقات إسلامية من التوجهات المهمة في سوق بنوك الجملة الإسلامية. ومع نمو الصناعة يحتاج كثير من عملاء بنوك الجملة إلى أن تكون لديهم القدرة على إدارة المخاطر بصورة فاعلة ومؤثرة. وتتيح المشتقات الإسلامية للعملاء أفضل الطرق للتعامل مع تلك المخاطر. ويوضح مسؤول بنك نجمة أن صناعة التمويل الإسلامي إذا أرادت أن تحتل مكاناً أكبر في السوق العالمية فإنها تحتاج إلى الأدوات نفسها التي تتعامل بها البنوك التقليدية، حيث إن كلتيهما تخضع للتنظيمات نفسها التي تقررها البنوك المركزية، كما تخضع للمعايير الدولية نفسها مثل "بازل 2" و"بازل3" في المستقبل. وأضاف أنه بالنظر إلى المشروعات العديدة في منطقة الخليج التي تحتاج إلى تمويل يراوح بين 15 و20 عاماً، يتضح أن البنوك الإسلامية ستواجه صعوبة في أداء هذا العمل بكفاءة، وذلك بسبب عدم تناسق الميزانية العمومية لها. ويصف تيربو اتفاقية التحوط التي صاغتها السوق المالية الإسلامية الدولية والجمعية الدولية للمبادلات والمشتقات، بأنها تعد حجر زاوية في صناعة التمويل، حيث إنها تضع إطار عمل يتيح الدخول في اتفاقيات التحوط. واعتبرها مبادرة ممتازة، منبهاً إلى أن هذا لا يعني أنها ستلاقي قبول المدارس الفقهية المختلفة. ومن خلال النمو الكبير لقطاع بنوك الجملة الإسلامية يتوقع أن يشهد العام الحالي دخول لاعبين جدد في تلك الساحة الواعدة.
بازل والأسواق الناشئة
ويستعرض تقرير خورشيد تأثير "بازل 3" على الأسواق الناشئة، مشيراً إلى أنه بالإعلان عن "بازل 3" بات من المؤكد أن هناك تجاهلاً كبيراً لاحتياجات الأسواق الناشئة. وإذا كانت "بازل 2" لم تلبي احتياجات تلك الأسواق فإن "بازل 3" لا ينتظر منها إلا أن تزيد الأمر سوءا. وتركز غالبية بنود الاتفاقية على بنوك الاقتصادات الضخمة. كما أن قواعد المحافظ الاستثمارية لها لا تتفق مع البنوك التي يتركز مجالها في الإقراض والإيداع. إضافة إلى أن إعادة تعريف رأس المال يتوقع أن يكون له تأثير محدود، وتبقى معدلات رأس المال الإجمالي من المستوى الأول Tier1 كبيرة بالنسبة للبنوك في الأسواق الناشئة. كما أن القيود على بعض الأدوات المالية قد يثني المستثمرين في القطاع المصرفي عن دخول الأسواق الناشئة، إلا من مشاركات على استحياء.
ويتضح أن التحديات الفنية الكبيرة تجعل من الصعوبة بمكان اقتحام تلك الجزئيات التي تحتاج إلى إصلاحات جد مهمة. وقد أهملت "بازل" في السابق مسألة السيولة إلا أنها تحتوي على اختبارات ضغوط stress testing متطورة تتعدى إمكانات إدارة بنوك الأسواق الناشئة المخاطر. وتتطلب أنظمة إدارة المخاطر وجود قائمين على عملية التنظيم يكون بمقدورهم الحكم وحرية التصرف، إلا أن الأخيرة تستلزم وجود مفاهيم لا تتوافر في الغالب في الأسواق الناشئة مثل الاستقلالية، والحصانة القانونية، وحتى هذه التحديات نحيت جانباً وفرضت "بازل 3" تحديين رئيسين:
الأول يتعلق بالموعد النهائي لتطبيق الاتفاقية حيث تم تمديد الموعد. وهذ التأخير تفيد منه الاقتصادات المتقدمة لزيادة سقف رأس المال. أما البنوك في الاقتصادات الناشئة فهي تعمل وفق جدول مواعيد مغاير تماماً؛ فهي لا تزال تضمد جراح الأزمة العالمية. ويرى خورشيد أن الفترة الانتقالية لـ "بازل 3" تعني أن أياً من الاقتصادات الناشئة سيأخذ خطوة المبادرة. أما التحدي الآخر فهو إذا ما كان هناك معنى لأن تكون البنوك في الأسواق الناشئة ذات رأس مال وسيولة أكثر من نظيرتها في الأسواق الأغنى. وفي الماضي كان يفترض أن بنوك الأسواق الناشئة تحتاج إلى رأس مال أكبر من الاسواق الغنية نظراً لأن الأولى تعمل في بيئة أكثر تقلباً. ومن ثم فإن على لجنة بازل أن تقدم معياراً بديلاً يلبي احتياجات الأسواق الناشئة يطلق عليه البعض Basel III-lite. وليس من الصعب إيجاد عناصر هذه النسخة المخففة من الاتفاقية: مقياس مبسط لمدى نفوذ البنك يعتمد على معدل إجمالي الأصول بالنسبة إلى رأس المال الأساسي، وقواعد سيولة أكثر يسراً، وأخرى تضمن إدارة المخاطر وتفاديها.
ويشير خورشيد إلى أن مثل تلك الصيغة يمكن التوصل إليها قبل العقد المتبقي لتطبيق اتفاقية بازل.
تحديات الهوية الإسلامية
يقول د.صلاح بن فهد الشلهوب إن "بازل 3" تسعى إلى فرض مزيد من القيود على البنوك للحد من مزيد من المضاربات في الأسواق، ولتوفير احتياطيات أكبر في البنوك لتقليل المخاطر عليها. وهذا بدوره سينعكس على المؤسسات المالية الإسلامية، فقد تكون هناك فعلا تدفقات مالية أكبر على تلك المؤسسات، لكن في الوقت نفسه فإن النظام المالي العالمي ومعايير "بازل" منذ أن أنشئت لا تراعي طبيعة المصرفية الإسلامية، وطريقة عملها. ولهذا يرى أنه لا بد أن تكون مطروحة، ليتم وضع تصور لها يخدم طبيعتها، والأدوات المالية التي تسعى إلى تقديمها. خصوصا أن أدوات مالية مثل المشاركة يصعب تطبيقها على المؤسسات المالية الإسلامية في ظل وجود مثل هذه التشريعات.
ويرى تقرير في موقع financial Islam أن التحدي الأكبر أمام البنوك الإسلامية هو تطويع اتفاقيات بازل في كل مرة بما يتلاءم مع طبيعة عملها، وهو ما تحرص عليه تلك البنوك والهيئات الداعمة لها بغرض اكتساب مصداقية أكبر على المستوى الدولي. وفي الغالب يكون النجاح حليفها وذلك بفضل الجهود التي يتبناها مجلس الخدمات المالية الإسلامية IFSB. وعلى الرغم من ذلك يبقى التأثير محدوداً نظراً لعدم إلزامية تلك المعايير للتطبيق، وذلك بسبب عدم تبنيها من طرف عديد من البنوك المركزية.
ويشير التقرير إلى أن الأصول السائلة عالية الجودة التي توصي بها لجنة بازل يمكن أن تغطّيها البنوك الإسلامية بإصدار مزيد من الصكوك والأدوات المالية الإسلامية. إضافة إلى التنويع فيها، خاصة من حيث الأجل، خاصة أن صيغ التمويل الإسلامي التي تعمل من خلالها تلك الصكوك يمكن أن تستجيب للتعامل بها لمختلف الآجال، إلاّ أن العائق الأكبر حالياً أمام إصدار وتداول الصكوك الإسلامية هو عدم تقيد كثير منها بالضوابط الشرعية، خاصة بعد أن تعالت الأصوات محذرة من عدد من الصيغ التي لا تتفق مع الشريعة، كما أثير عديد من الشبهات حول التعامل بهذه الصكوك. هذا إلى جانب ضرورة توفير سوق مالية إسلامية بالمفهوم المكاني وعلى نطاق محلي وإقليمي واسع، إذ لا يمكن إصلاح الأدوات دون إصلاح المكان ـــ بحسب ما أورد التقرير.
المصرفية الإسلامية
تعد البنوك الإسلامية من أكبر البنوك العالمية من حيث حجم رأس المال، كما أنها المؤسسات التي تضع معايير تعد بدورها الأكثر صرامة. هكذا استهل الدكتور علي خورشيد ـــ المتخصص في التمويل الإسلامي واستشاري الشريعة في بريطانيا ـــ تقريراً بعنوان "بازل 3 تدعم مبادئ المصرفية الإسلامية".
وأضاف أنه نظراً لوضعية البنوك الإسلامية بين المؤسسات المالية العالمية فإنها تعد آمنة إلى حد كبير مقارنة بنظرائها من البنوك الأوروبية والأمريكية. وقد بلغت متطلبات رأس المال الإجمالي من المستوى الأول Tier1، وإجمالي رأس المال 8 في المئة و12 في المئة على الترتيب، وهي معدلات أعلى من التي وضعتها "بازل 3" كهدف للتحقق في 2019، والتي لا تزيد على 6 في المئة و12 في المئة على الترتيب. وتفرض قواعد "بازل 3" ـــ المقرر لها عام 2019 آخر موعد للعمل بها ـــ على البنوك زيادة الأموال التي تخصصها كبند احتياطي لسد الثغرات المالية، في حال حدوث أزمة أو شح في النقد، مثلما حدث في أزمة الائتمان الأخيرة. ورفعت الاتفاقية الجديدة نسبة الاحتياطي بأكثر من ثلاثة أضعاف لتصل إلى 7 في المئة. ويرصد الخبراء أن البنك الإسلامي لديه متطلبات رأس مال أكبر مما تقترحه "بازل 3". وأفاد بنك التسويات الدولية BIS في ديسمبر 2010 بأنه تم التوصل لاتفاق يتم بمقتضاه زيادة معدلات رأس المال الأساسية للبنوك. وتحقق الحد الأدنى من متطلبات common equity والأقصى من رأس مال امتصاص الخسائر، وهو ما يعمل على زيادة أموال الاحتياط إلى 4.5 في المئة بعد أن كانت 2 في المئة بعد تطبيق تعديلات صارمة.
ومن المتوقع أن يتم الوصول إلى هذه الأهداف بحلول عام 2015. كما تزداد متطلبات رأس المال الإجمالي من المستوي الأول من 4 في المئة إلى 6 في المئة خلال الفترة نفسها. وينتظر أن تسهم تلك المبادرات في رفع متطلبات الاحتياطيات إلى 7 في المئة. وإذا كان البنك لديه متطلبات احتياطيات تقل عن 7 في المئة فإنه يجب تقليص توزيع الأرباح لتصل إلى سقف 7 في المئة. وهذه الضوابط يجب أن تطبق على الأرباح والأجور التنفيذية بما في ذلك العلاوات.
وهذه التغييرات من شأنها أن تجبر طاقة البنك على امتصاص الخسائر المستقبلية. ولقد تم تمديد الفترة الانتقالية لبنوك العالم كي تطبق تلك القواعد إلى مطلع عام 2019 بدلاً من نهاية 2013 التي تم تحديدها في العام الماضي. وقد قوبل هذا التمديد بترحاب بالغ من مجتمع المستثمرين.
ويرى خورشيد أنه من المبكر تقويم تلك التغييرات التنظيمية بشكل كامل، ولا سيما أن البنوك الإسلامية تخضع بالفعل لالتزامات "بازل 2".
كما تتجه "بازل 3" إلى فرض مزيد من القيود على البنوك بغرض الحد من قدرتها على المضاربات في الأسواق المالية، وهو الأمر الذي أثبتت الأزمة الأخيرة أن البنوك الإسلامية بمنأى عنه؛ وبالتالي فهي ليست بحاجة إلى مثل هذا الإجراء.
أفاد تقرير لبيت الاستثمار العالمي Global Investment Research أن البنوك السعودية تحتل موقعاً متميزاً بالنسبة لتوفير الاحتياطي بالمعدلات التي أوصت بها لجنة بازل. وقد حققت البنوك السعودية متطلبات رأس مال إجمالي من المستوى الأول بلغت نسبتها 10 في المئة خلال عام 2009 والنصف الأول من 2010، لتبقى أعلى من متطلبات الحد الأدنى بمعدل 4 في المئة وفقاً لـ "بازل 2"، و6 في المئة طبقاً لما تقرره "بازل3". ويشير التقرير إلى أن البنوك السعودية واثقة إلى حد كبير بقوة إمكاناتها بما يجعلها لا تخشى أية مستجدات في النظام المالي.
وحتى في عام 2008 الذي شهد اندلاع المخاوف لأقصى حد كانت البنوك السعودية مرفوعة الرأس ـــ على حد تعبير التقريرـــ برأس مال إجمالي من المستوى الأول تعدى 8 في المئة وهو معدل كافٍ لتلبية تلك المتطلبات. ويقتبس التقرير تعليقاً لصندوق النقد الدولي يقول إن عمليات البنك المركزي السعودي تتجه صوب زيادة الثقة بالنظام المصرفي السعودي وتبشر بنمو نقدي. ويضيف أن ما يؤكد هذا هو الأداء المتميز للبنوك السعودية، الذي مكنها من تجاوز الأزمة المالية العالمية.
ويؤكد الخبراء ـــ عبر التقرير ـــ أن النظام المصرفي السعودي يمتلك مقومات النمو على المدى البعيد. ويرجع ذلك إلى توافر إمكانات النمو الاقتصادي في المملكة، وانخفاض مستوى الاختراق النقدي penetration، وزيادة الإقبال المحلي. ويختم التقرير بأن البنوك السعودية حققت نمواً متواضعاً في مجالي الأصول والقروض بنسبة 4 في المئة و6 في المئة في عام 2010، إلا أنه من الممكن أن تتضاعف تلك المعدلات خلال العام الجاري.
تمويل التجارة الإسلامية
تعد التجارة السوق الأكبر في التمويل الإسلامي، إذ تحقق نمواً سنوياً ـــ مع الاصول ـــ يقدر بـ 30 في المئة، ويبدو السيناريو مبشراً فيما يتعلق ببنوك الجملة الإسلامية wholesale أو البنوك التجارية.
وتستعرض Camille Klass توجهات السوق ومساعي البنوك لنيل نصيب أوفر من تلك السوق. وترصد أن التمويل التجاري يتوقع له الازدهار مجدداً، مما يساعد على تحقيق معدلات نمو أكبر لقطاع بنوك الجملة الإسلامية. وقد كان للأزمة العالمية تأثير واضح في انخفاض معدلات التجارة إلى حد كبير. وهو ما أثر في أنشطة تمويل وتجارة الجملة المطابقة للشريعة الإسلامية على الرغم من أن البنوك الإسلامية التي شاركت في تلك الأنشطة حققت نمواً يقدر بـ 30 في المئة سنوياً ـــ طبقاً لتقديرات شركة أوليفر ويمان للاستشارات الإدارية العالمية.
وتعد التجارة جنبا إلى جنب مع رأس المال، مفتاح النمو الإيجابي لصناعة التمويل الإسلامي ـــ بحسب موسى عبد الملك المدير التنفيذي لبنك HSBC- أمانة ـــ ماليزيا. ويشاركه الرأي جاك تريبو المدير التنفيذي لبنك BNP باريبا نجمة في البحرين، مضيفاً أن التجارة في طريقها لأن تكون محركاً رئيساً في عالم الاقتصاد، ومن ثم فإن البنك يبذل قصارى جهده كي يطور أعماله التجارية. ويشير إلى أن البنك لديه لاعب قوي في مجال تمويل التجارة، ويعمل على دعمه؛ وبالتالي دعم المصرفية الإسلامية كجزء مهم منه.
ويقدر حجم نمو التجارة العالمية التي تم التعاقد عليها خلال 2009 بنحو 12.2 في المئة، نمت بدورها بمعدل 9 في المئة في العام الماضي ـــ طبقاً لتقديرات منظمة التجارة العالمية. وقد هبط إجمالي قيمة البضائع العالمية في 2009 بنسبة 23 في المئة عن سابقتها ليصل إلى 12.15 تريليون دولار.
وبسبب ظروف تعافي السوق والارتفاع الذي تشهده قيمة التجارة فإن المنتجات ذات الصلة ستشهد طفرة في الطلب بما في ذلك المنتجات التجارية ـــ بحسب توقعات موسى عبد الملك. وتشمل منتجات تمويل التجارة الإسلامي: خطابات الضمان، وإيصالات الأمانة، والفواتير مقبولة الدفع، وتمويل رأس المال العامل، وضمانات البنك والنقل. ويقوم بنك BNP باريبا بتطوير عرض تمويل تجاري يتضمن تمويل استيراد LC، وتخفيض لفواتير التصدير لتعزيز تمويل التجارة.
ولم يكن BNP وHSBC البنكين الإسلاميين الوحيدين اللذين يبحثان عن زيادة حجم أعمالهما في قطاع تمويل التجارة. ففي الاتجاه نفسه سار كل من "ستاندرد تشارترد صديق"، وCIMB الإسلامي. ويوضح المدير التنفيذي للأخير أن البنك يتطلع إلى تصميم عروض جذابة للتمويل التجاري، إضافة إلى خدمات إدارة النقد بما يتفق مع الشريعة. وبالنسبة لبنك صديق فهو يهدف إلى تحقيق نمو في حجم أعماله التجارية فضلاً عن زيادة قاعدة عملائه في أسرع وقت. وإضافة إلى منتجات التمويل التجارى يرى المصرفيون أن عملاء بنوك الجملة سوف يحتاجون إلى منتجات تحوط أيضاً في ظل حالة التعافي للتجارة العالمية بحسب ما يشير إليه مسؤول في بنك صديق.
البنك الإسلامي للتنمية كما يلاحظ أن الحاجة إلى حلول تحوط تسير جنباً إلى جنب مع توجه مهم وهو الاهتمام المتزايد بمنتجات المشتقات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. وثم حاجة حقيقية في السوق لأدوات إدارة المخاطر لتقليل مخاطر العملة والسوق والاستثمار. ويعد تطوير أنشطة مشتقات إسلامية من التوجهات المهمة في سوق بنوك الجملة الإسلامية. ومع نمو الصناعة يحتاج كثير من عملاء بنوك الجملة إلى أن تكون لديهم القدرة على إدارة المخاطر بصورة فاعلة ومؤثرة. وتتيح المشتقات الإسلامية للعملاء أفضل الطرق للتعامل مع تلك المخاطر. ويوضح مسؤول بنك نجمة أن صناعة التمويل الإسلامي إذا أرادت أن تحتل مكاناً أكبر في السوق العالمية فإنها تحتاج إلى الأدوات نفسها التي تتعامل بها البنوك التقليدية، حيث إن كلتيهما تخضع للتنظيمات نفسها التي تقررها البنوك المركزية، كما تخضع للمعايير الدولية نفسها مثل "بازل 2" و"بازل3" في المستقبل. وأضاف أنه بالنظر إلى المشروعات العديدة في منطقة الخليج التي تحتاج إلى تمويل يراوح بين 15 و20 عاماً، يتضح أن البنوك الإسلامية ستواجه صعوبة في أداء هذا العمل بكفاءة، وذلك بسبب عدم تناسق الميزانية العمومية لها. ويصف تيربو اتفاقية التحوط التي صاغتها السوق المالية الإسلامية الدولية والجمعية الدولية للمبادلات والمشتقات، بأنها تعد حجر زاوية في صناعة التمويل، حيث إنها تضع إطار عمل يتيح الدخول في اتفاقيات التحوط. واعتبرها مبادرة ممتازة، منبهاً إلى أن هذا لا يعني أنها ستلاقي قبول المدارس الفقهية المختلفة. ومن خلال النمو الكبير لقطاع بنوك الجملة الإسلامية يتوقع أن يشهد العام الحالي دخول لاعبين جدد في تلك الساحة الواعدة.
بازل والأسواق الناشئة
ويستعرض تقرير خورشيد تأثير "بازل 3" على الأسواق الناشئة، مشيراً إلى أنه بالإعلان عن "بازل 3" بات من المؤكد أن هناك تجاهلاً كبيراً لاحتياجات الأسواق الناشئة. وإذا كانت "بازل 2" لم تلبي احتياجات تلك الأسواق فإن "بازل 3" لا ينتظر منها إلا أن تزيد الأمر سوءا. وتركز غالبية بنود الاتفاقية على بنوك الاقتصادات الضخمة. كما أن قواعد المحافظ الاستثمارية لها لا تتفق مع البنوك التي يتركز مجالها في الإقراض والإيداع. إضافة إلى أن إعادة تعريف رأس المال يتوقع أن يكون له تأثير محدود، وتبقى معدلات رأس المال الإجمالي من المستوى الأول Tier1 كبيرة بالنسبة للبنوك في الأسواق الناشئة. كما أن القيود على بعض الأدوات المالية قد يثني المستثمرين في القطاع المصرفي عن دخول الأسواق الناشئة، إلا من مشاركات على استحياء.
ويتضح أن التحديات الفنية الكبيرة تجعل من الصعوبة بمكان اقتحام تلك الجزئيات التي تحتاج إلى إصلاحات جد مهمة. وقد أهملت "بازل" في السابق مسألة السيولة إلا أنها تحتوي على اختبارات ضغوط stress testing متطورة تتعدى إمكانات إدارة بنوك الأسواق الناشئة المخاطر. وتتطلب أنظمة إدارة المخاطر وجود قائمين على عملية التنظيم يكون بمقدورهم الحكم وحرية التصرف، إلا أن الأخيرة تستلزم وجود مفاهيم لا تتوافر في الغالب في الأسواق الناشئة مثل الاستقلالية، والحصانة القانونية، وحتى هذه التحديات نحيت جانباً وفرضت "بازل 3" تحديين رئيسين:
الأول يتعلق بالموعد النهائي لتطبيق الاتفاقية حيث تم تمديد الموعد. وهذ التأخير تفيد منه الاقتصادات المتقدمة لزيادة سقف رأس المال. أما البنوك في الاقتصادات الناشئة فهي تعمل وفق جدول مواعيد مغاير تماماً؛ فهي لا تزال تضمد جراح الأزمة العالمية. ويرى خورشيد أن الفترة الانتقالية لـ "بازل 3" تعني أن أياً من الاقتصادات الناشئة سيأخذ خطوة المبادرة. أما التحدي الآخر فهو إذا ما كان هناك معنى لأن تكون البنوك في الأسواق الناشئة ذات رأس مال وسيولة أكثر من نظيرتها في الأسواق الأغنى. وفي الماضي كان يفترض أن بنوك الأسواق الناشئة تحتاج إلى رأس مال أكبر من الاسواق الغنية نظراً لأن الأولى تعمل في بيئة أكثر تقلباً. ومن ثم فإن على لجنة بازل أن تقدم معياراً بديلاً يلبي احتياجات الأسواق الناشئة يطلق عليه البعض Basel III-lite. وليس من الصعب إيجاد عناصر هذه النسخة المخففة من الاتفاقية: مقياس مبسط لمدى نفوذ البنك يعتمد على معدل إجمالي الأصول بالنسبة إلى رأس المال الأساسي، وقواعد سيولة أكثر يسراً، وأخرى تضمن إدارة المخاطر وتفاديها.
ويشير خورشيد إلى أن مثل تلك الصيغة يمكن التوصل إليها قبل العقد المتبقي لتطبيق اتفاقية بازل.
تحديات الهوية الإسلامية
يقول د.صلاح بن فهد الشلهوب إن "بازل 3" تسعى إلى فرض مزيد من القيود على البنوك للحد من مزيد من المضاربات في الأسواق، ولتوفير احتياطيات أكبر في البنوك لتقليل المخاطر عليها. وهذا بدوره سينعكس على المؤسسات المالية الإسلامية، فقد تكون هناك فعلا تدفقات مالية أكبر على تلك المؤسسات، لكن في الوقت نفسه فإن النظام المالي العالمي ومعايير "بازل" منذ أن أنشئت لا تراعي طبيعة المصرفية الإسلامية، وطريقة عملها. ولهذا يرى أنه لا بد أن تكون مطروحة، ليتم وضع تصور لها يخدم طبيعتها، والأدوات المالية التي تسعى إلى تقديمها. خصوصا أن أدوات مالية مثل المشاركة يصعب تطبيقها على المؤسسات المالية الإسلامية في ظل وجود مثل هذه التشريعات.
ويرى تقرير في موقع financial Islam أن التحدي الأكبر أمام البنوك الإسلامية هو تطويع اتفاقيات بازل في كل مرة بما يتلاءم مع طبيعة عملها، وهو ما تحرص عليه تلك البنوك والهيئات الداعمة لها بغرض اكتساب مصداقية أكبر على المستوى الدولي. وفي الغالب يكون النجاح حليفها وذلك بفضل الجهود التي يتبناها مجلس الخدمات المالية الإسلامية IFSB. وعلى الرغم من ذلك يبقى التأثير محدوداً نظراً لعدم إلزامية تلك المعايير للتطبيق، وذلك بسبب عدم تبنيها من طرف عديد من البنوك المركزية.
ويشير التقرير إلى أن الأصول السائلة عالية الجودة التي توصي بها لجنة بازل يمكن أن تغطّيها البنوك الإسلامية بإصدار مزيد من الصكوك والأدوات المالية الإسلامية. إضافة إلى التنويع فيها، خاصة من حيث الأجل، خاصة أن صيغ التمويل الإسلامي التي تعمل من خلالها تلك الصكوك يمكن أن تستجيب للتعامل بها لمختلف الآجال، إلاّ أن العائق الأكبر حالياً أمام إصدار وتداول الصكوك الإسلامية هو عدم تقيد كثير منها بالضوابط الشرعية، خاصة بعد أن تعالت الأصوات محذرة من عدد من الصيغ التي لا تتفق مع الشريعة، كما أثير عديد من الشبهات حول التعامل بهذه الصكوك. هذا إلى جانب ضرورة توفير سوق مالية إسلامية بالمفهوم المكاني وعلى نطاق محلي وإقليمي واسع، إذ لا يمكن إصلاح الأدوات دون إصلاح المكان ـــ بحسب ما أورد التقرير.
المصرفية الإسلامية