من الناحية الظاهرية، كان اثر الازمة المالية العالمية على صناعة التمويل الاسلامية معتدلا. فبينما تأرجحت بعض المؤسسات المالية التي تلتزم باحكام الشريعة الاسلامية، استمرت الصناعة بمجملها في التوسع لجهة الاصول التي تديرها.
ومع ذلك، وعلى الرغم من التوقعات الوردية الجلية، فان الصناعة تخوض في نقاش داخلي ساخن بشأن مستقبل التمويل الاسلامي.
وما على المحك هو شكل وطبيعة صناعة قوامها 1000مليار دولار، شهدت نموا هائلاً وابتكارا كبيراً خلال العقد الماضي، ومنتجات تراوحت بين صناديق التحوط الاسلامية وهياكل السندات المعقدة.
ومع ذلك، وعلى الرغم من التوقعات الوردية الجلية، فان الصناعة تخوض في نقاش داخلي ساخن بشأن مستقبل التمويل الاسلامي.
وما على المحك هو شكل وطبيعة صناعة قوامها 1000مليار دولار، شهدت نموا هائلاً وابتكارا كبيراً خلال العقد الماضي، ومنتجات تراوحت بين صناديق التحوط الاسلامية وهياكل السندات المعقدة.
لكن كثيرا من الشخصيات البارزة في الصناعة اصبحوا يشعرون بالقلق المتزايد من ان النمو المتفاقم والابتكار المتسرع جعلا القطاع يضل طريقه ويقلد التمويل التقليدي الى حد كبير، ليصبح ملتزما بشكل الشريعة وليس بجوهرها.
ويقر حارس عرفان رئيس قسم المنتجات الاسلامية في «باركليز كابيتال» بأن «الصناعة على مفترق طرق، اما ان نستمر في تقليد التمويل التقليدي بطريقة اسلامية، او ان نتجه نحو هياكل اسلامية محصنة اكثر التزاما بروح الاسلام.
بوادر القلق
اولى بوادر القلق جاءت في اوائل ابريل 2008 حين ادان الشيخ تقي عثمان، وهو واحد من علماء الدين البارزين في الصناعة، بعضا من هياكل السندات الاسلامية المعروفة.
ومنذ ذلك الحين، تشجب شخصيات اخرى في صناعة التمويل الاسلامي منتجات مثل المشتقات الاسلامية باعتبارها ذات طبيعة لا تتوافق مع مبادئ الشريعة الاسلامية، كمتطلبات تقاسم المخاطر والتعاملات المدعومة بالاصول.
حتى المنتجات البسيطة والراسخة مثل الحسابات الجارية الاسلامية، تعرضت للانتقاد من قبل شخصيات اكثر تشددا في التمويل الاسلامي، ومن الناحية النظرية فإن المودعين في البنوك الاسلامية يشاركون في المخاطر التي تتعرض لها القروض التي يقدمها البنك باستخدام اموالهم، وينبغي ان يجنوا عوائد او يتكبدوا خسائر وفقا لنتائج البنك.
على الصعيد العملي، فان المودعين غالبا ما يحصلون على عائد ثابت مضمون بسبب احتجاز جزء من الارباح كنوع من الحماية، كما أن معظم الحكومات تعمل كداعم اضافي. وخلال الأزمة تكبد العديد من البنوك الاسلامية خسائر مالية، لكن أيا من المودعين لم يخسر أي شيء، وهو بحسب وصف بعض الخبراء أمر سيىء.
يقول جواد علي، الشريك والمدير للشرق الأوسط ونائب الرئيس العالمي للتمويل الاسلامي في شركة كينغ آند سبالدينغ القانونية: «انني اختلف مع المشاركين في هذه الصناعة الذين يحاولون اعادة هندسة وتقليد كل شيء في التمويل الغربي والتقليدي ليصبح اسلاميا وشرعيا».
ويضيف «اذا ما استمررنا في محاكاة المنتجات التقليدية، فان صناعة التمويل الاسلامي ربما تمنى بالفشل على المدى الطويل، لأنها وببساطة صناعة غير قابلة للنمو والاستمرار. هذا هو الوقت المناسب لنتساءل ما اذا كانت صناعة التمويل الاسلامي زائفة او ما اذا كان ينبغي ان تتغير، وعندها ربما نعمل على خدمة عدد أقل من الناس لكن نقدم صناعة مالية بديلة حقيقية واصيلة».
تفاؤل
ويبدو العديد من التنفيذيين العاملين في المصرفية الاسلامية والمحامين والعلماء اكثر تفاؤلا، ويشيرون الى ان اختلاف الآراء يعتبر نتاجا جانبيا وطبيعيا لتعدد الآراء الدينية المختلفة والمدارس الفكرية في العالم الاسلامي.
يقول آفاق خان، رئيس صادق، الذراع الاسلامية لستاندارد تشارترد، انه عمل في صناعة التمويل الاسلامي لأكثر من عقدين تقريبا ويشير الى ان «البحث عن الهوية ليس بالأمر الجديد».
ويضيف خان: «كان هناك دوما من يقول إننا محافظون جدا او متساهلون للغاية، وهذا مظهر اساسي لهذه الصناعة. علينا ان نعيش في العالم الحقيقي وهو ما يجبرنا على بعض الحلول الوسط. فنحن لا نعيش وسط اقتصاد اسلامي حقيقي، ولن تسمح لنا الجهات التنظيمية الا ببعض الفسحة للحركة».
ويقول ان منتجات الصناعة وخدماتها فيها شبه كبير من نظيراتها التقليدية بسبب ان البنوك الاسلامية مليئة بالتنفيذيين الذين لهم خلفيات مالية تقليدية. كما يضيف «كلما نضجت الصناعة، ستنضج معها هويتها الخاصة».
وبالفعل، يبدو ان هذا الجدل الداخلي لم يفعل سوى القليل لكبح نمو الصناعة. فبينما عزفت البنوك عن هياكل السندات الاسلامية التي انتقدها عثماني، لم يعر الزبائن من المسلمين اهتماما كبيرا للنقاش الدائر بشأن مدى التزام الصناعة باحكام الشريعة الاسلامية.
نمو الصناعة
ويقول عرفان «معدل نمو الصناعة لن يتأثر على الأرجح بالجدل الدائر. لقد وصلنا الى مرحلة تتسم بزخم مدفوع بطلب كبير على التمويل الاسلامي لدرجة يكاد ينفجر معها، على الرغم من ان هذه المرحلة الجديدة من النمو ستكون احدى وظائف قبول المبادرات الداعية الى توحيد المعايير».
ويعترف معظم المطلعين على الصناعة ان التمويل الاسلامي سيشهد تطورا كبيرا على الارجح خلال العقد المقبل، يجسد كلا من مخاوف النقاد والحلول الوسط العملية.
ويبقى ان نرى ما اذا كانت النتيجة حلا وسطيا فوضويا يمكن في النهاية ان يعرض مصداقية التمويل الاسلامي للخطر لدى المسلمين او نتيجة شاقة تمهد المسرح لطفرة نمو اخرى.
وكما يعترف خان «أنجز الكثير من العمل الجيد، لكن لا يزال هناك الكثير».
فايننشال تايمز
ويقر حارس عرفان رئيس قسم المنتجات الاسلامية في «باركليز كابيتال» بأن «الصناعة على مفترق طرق، اما ان نستمر في تقليد التمويل التقليدي بطريقة اسلامية، او ان نتجه نحو هياكل اسلامية محصنة اكثر التزاما بروح الاسلام.
بوادر القلق
اولى بوادر القلق جاءت في اوائل ابريل 2008 حين ادان الشيخ تقي عثمان، وهو واحد من علماء الدين البارزين في الصناعة، بعضا من هياكل السندات الاسلامية المعروفة.
ومنذ ذلك الحين، تشجب شخصيات اخرى في صناعة التمويل الاسلامي منتجات مثل المشتقات الاسلامية باعتبارها ذات طبيعة لا تتوافق مع مبادئ الشريعة الاسلامية، كمتطلبات تقاسم المخاطر والتعاملات المدعومة بالاصول.
حتى المنتجات البسيطة والراسخة مثل الحسابات الجارية الاسلامية، تعرضت للانتقاد من قبل شخصيات اكثر تشددا في التمويل الاسلامي، ومن الناحية النظرية فإن المودعين في البنوك الاسلامية يشاركون في المخاطر التي تتعرض لها القروض التي يقدمها البنك باستخدام اموالهم، وينبغي ان يجنوا عوائد او يتكبدوا خسائر وفقا لنتائج البنك.
على الصعيد العملي، فان المودعين غالبا ما يحصلون على عائد ثابت مضمون بسبب احتجاز جزء من الارباح كنوع من الحماية، كما أن معظم الحكومات تعمل كداعم اضافي. وخلال الأزمة تكبد العديد من البنوك الاسلامية خسائر مالية، لكن أيا من المودعين لم يخسر أي شيء، وهو بحسب وصف بعض الخبراء أمر سيىء.
يقول جواد علي، الشريك والمدير للشرق الأوسط ونائب الرئيس العالمي للتمويل الاسلامي في شركة كينغ آند سبالدينغ القانونية: «انني اختلف مع المشاركين في هذه الصناعة الذين يحاولون اعادة هندسة وتقليد كل شيء في التمويل الغربي والتقليدي ليصبح اسلاميا وشرعيا».
ويضيف «اذا ما استمررنا في محاكاة المنتجات التقليدية، فان صناعة التمويل الاسلامي ربما تمنى بالفشل على المدى الطويل، لأنها وببساطة صناعة غير قابلة للنمو والاستمرار. هذا هو الوقت المناسب لنتساءل ما اذا كانت صناعة التمويل الاسلامي زائفة او ما اذا كان ينبغي ان تتغير، وعندها ربما نعمل على خدمة عدد أقل من الناس لكن نقدم صناعة مالية بديلة حقيقية واصيلة».
تفاؤل
ويبدو العديد من التنفيذيين العاملين في المصرفية الاسلامية والمحامين والعلماء اكثر تفاؤلا، ويشيرون الى ان اختلاف الآراء يعتبر نتاجا جانبيا وطبيعيا لتعدد الآراء الدينية المختلفة والمدارس الفكرية في العالم الاسلامي.
يقول آفاق خان، رئيس صادق، الذراع الاسلامية لستاندارد تشارترد، انه عمل في صناعة التمويل الاسلامي لأكثر من عقدين تقريبا ويشير الى ان «البحث عن الهوية ليس بالأمر الجديد».
ويضيف خان: «كان هناك دوما من يقول إننا محافظون جدا او متساهلون للغاية، وهذا مظهر اساسي لهذه الصناعة. علينا ان نعيش في العالم الحقيقي وهو ما يجبرنا على بعض الحلول الوسط. فنحن لا نعيش وسط اقتصاد اسلامي حقيقي، ولن تسمح لنا الجهات التنظيمية الا ببعض الفسحة للحركة».
ويقول ان منتجات الصناعة وخدماتها فيها شبه كبير من نظيراتها التقليدية بسبب ان البنوك الاسلامية مليئة بالتنفيذيين الذين لهم خلفيات مالية تقليدية. كما يضيف «كلما نضجت الصناعة، ستنضج معها هويتها الخاصة».
وبالفعل، يبدو ان هذا الجدل الداخلي لم يفعل سوى القليل لكبح نمو الصناعة. فبينما عزفت البنوك عن هياكل السندات الاسلامية التي انتقدها عثماني، لم يعر الزبائن من المسلمين اهتماما كبيرا للنقاش الدائر بشأن مدى التزام الصناعة باحكام الشريعة الاسلامية.
نمو الصناعة
ويقول عرفان «معدل نمو الصناعة لن يتأثر على الأرجح بالجدل الدائر. لقد وصلنا الى مرحلة تتسم بزخم مدفوع بطلب كبير على التمويل الاسلامي لدرجة يكاد ينفجر معها، على الرغم من ان هذه المرحلة الجديدة من النمو ستكون احدى وظائف قبول المبادرات الداعية الى توحيد المعايير».
ويعترف معظم المطلعين على الصناعة ان التمويل الاسلامي سيشهد تطورا كبيرا على الارجح خلال العقد المقبل، يجسد كلا من مخاوف النقاد والحلول الوسط العملية.
ويبقى ان نرى ما اذا كانت النتيجة حلا وسطيا فوضويا يمكن في النهاية ان يعرض مصداقية التمويل الاسلامي للخطر لدى المسلمين او نتيجة شاقة تمهد المسرح لطفرة نمو اخرى.
وكما يعترف خان «أنجز الكثير من العمل الجيد، لكن لا يزال هناك الكثير».
فايننشال تايمز