أعلن مصرف قطر المركزي رسميا اليوم الأربعاء 9 فبراير 2011 عن قراره إغلاق الفروع الإسلامية ونوافذها الناشطة ضمن منظومة مصارف تقليدية التي يُعتبر نشاطها ربويا من منظور المعايير التشريعية للصيرفة الإسلامية، حسب بيان صحفي لوكالة الأنباء القطرية.
وحصر مصرف قطر المركزي الأسباب الكامنة وراء قراره إغلاق الفروع الإسلامية بعوامل تقنية مصرفية بحتة، من دون الرجوع إلى أي خلفية تشريعية لمثل هذا القرار الذي فاجأ منذ أيام الساحة المصرفية في قطر والذي قد يكون له تداعيات على المستوى الإقليمي عموماً والخليجي خصوصا.
وحصر مصرف قطر المركزي الأسباب الكامنة وراء قراره إغلاق الفروع الإسلامية بعوامل تقنية مصرفية بحتة، من دون الرجوع إلى أي خلفية تشريعية لمثل هذا القرار الذي فاجأ منذ أيام الساحة المصرفية في قطر والذي قد يكون له تداعيات على المستوى الإقليمي عموماً والخليجي خصوصا.
فإلى أي مدى يمكن رد أسباب هذا القرار إلى عوامل تقنية كما ورد في بيان "المركزي" القطري، وهل يمكن أن يكون لهذا القرار تبعات على بقية بنوك دول الخليج، بحكم انضوائها تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وعضويتها في مجلس الخدمات المالية الإسلامية العالمي، وهل ستؤدي مثل هذه الخطوة إلى تحول المصارف التقليدية إلى مصارف إسلامية؟
كشفت صحيفة الشرق "القطرية" نهاية الأسبوع الماضي عن وثيقة داخلية أرسلها مصرف قطر المركزي إلى المصارف التقليدية يعلمها بقراره إغلاق كل فروع هذه المصارف ونوافذها الناشطة في مجال الصيرفة الإسلامية قبل نهاية السنة الحالية.
وقد فاجأ هذا القرار كل المصارف التقليدية في دولة قطر التي أضافت التمويل الإسلامي إلى نشاطها التقليدي أو "الربوي" منذ منتصف العقد الماضي بعد الحصول على موافقة السلطات الرسمية المشرفة على القطاع والمتمثلة أساسا في مصرف قطر المركزي.
وحسب البيان الصادر اليوم عن "المركزي" القطري فإن هذا الأخير اتخذ هذا القرار بالرجوع إلى قانون المصرف رقم 33 لسنة 2006 الذي نصّ على الفصل بين المصارف التي تمارس الأعمال المصرفية على أسس تقليدية والمصارف الإسلامية التي تمارس الأعمال المصرفية وفقا لأحكام المعاملات الإسلامية حسب التعريف الخاص بها في القانون والنظام المصرفي في دولة قطر. ويلاحظ أن سنّ هذا القانون تزامن مع موافقات له للسماح للمصارف التقليدية بممارسة نشاط الصيرفة الإسلامية.
في هذا الصدد أشارت المؤسسة المشرفة على السوق النقدية القطرية في بيانها اليوم إلى "أن ظهور الفروع الإسلامية للمصارف التقليدية هي ظاهرة حديثة أدت إلى الخلط بين نوعين متباينين من الموجودات والمطلوبات في المصرف الواحد وهو ما أدى إلى تعقيد عملية إدارة المخاطر في هذه المصارف".
كما كشف "المركزي" القطري في بيانه أنه يعكف حاليا على إعداد تعليمات مستقلة للمصارف الإسلامية بشأن نسبة كفاية رأس المال مقارنة بمخاطر نشاطها وفقا للمعايير الصادرة عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية بعد انتهاء هذا الأخير من إدخال التعديلات الجديدة عليها.
ويضم هذا المجلس العالمي، ومقره كوالالمبور في ماليزيا، في عضويته كل الدول تقريبا التي لها نشاط تمويلي إسلامي أو لديها مصارف إسلامية، وعلى رأسها ماليزيا واندونيسيا ودول الخليج ودول عربية مثل لبنان ومصر والسودان إضافة إلى تركيا ودول غربية عديدة. وهو عبارة عن هيئة دولية تضع معايير تطوير وتعزيز صناعة الخدمات المالية الإسلامية وذلك بإصدار معايير رقابية ومبادئ إرشادية لهذه الصناعة التي تضم بصفة عامة قطاع المصارف وسوق الأوراق المالية من أسهم وصكوك دين بالإضافة إلى نشاط التكافل أو التأمين الإسلامي.
وحسب البيان الصحفي ذاته، اعتبر "المركزي" القطري أن التمويل الإسلامي يتميز بمخاطر أكثر تشعبا وتعقيدا من التمويل التقليدي، خاصة فيما يتعلق بمخاطر العائد والسيولة والائتمان والسوق ولا سيما عمليات التمويل بالمضاربة والمشاركة والاستصناع والإجارة. كما تبين له أن هناك صعوبة وتعقيدا في إعداد تقارير مالية متجانسة للبنك التقليدي تجمع بين النشاط "الربوي" و"الإسلامي" وهو ما يصعب انتهاج هذه البنوك لمعايير دولية واحدة، وما يؤثر سلبا على التحليل المالي السليم لهذه التقارير على مستوى النظام المالي في دولة قطر، وعلى المستوى الإقليمي والدولي. وحول المنافسة اعتبر مصرف قطر المركزي أن تمتع المصارف التقليدية بميزة الجمع بين الأنشطة المصرفية التقليدية والإسلامية يخل بالتنافس الحر بين المصارف التقليدية والإسلامية كما يخل بقواعد الشفافية والإفصاح الموضوعي مما يشكل تحديا صعبا للمصارف الإسلامية من أجل المحافظة على استقرارها ومعدلات نموها، الأمر الذي ينعكس سلبا على استقرار النظام ككل.
تريليون دولار
وحسب أحدث دراسة قامت بها المؤسسة المالية "ستاندرد أند بورز" الأميركية فإن مجموع أصول البنوك والمؤسسات الإسلامية في العالم- التي يقدر عددها بنحو 500 مؤسسة - يناهز1 تريليون دولار. كما تتمتع هذه المؤسسات بسرعة نمو منذ منتصف العقد الماضي مقارنة بالبنوك التقليدية التي شهدت منحى تراجعيا خاصة في سنوات الأزمة المالية الأخيرة.
وتحتكر المصارف الإسلامية في دول الخليج باستثناء سلطنة عمان التي لم تدخل هذا النشاط ضمن منظومتها البنكية، تحتكر نحو ربع هذه الأصول بقيمة 289 مليار دولار تقريبا.
كما ساهمت هذه المؤسسات في تنشيط المجال المالي من خلال سوق سندات الدين الإسلامية أو ما يعرف بالصكوك والتي تقدر إصداراتها بنحو 100 مليار دولار، وتسيطر ماليزيا على 54 %منها، لتتصدر هذه الدولة - التي تمنع منظومة تجانس البنوك التقليدية ونظيرتها الإسلامية - الصناعية المصرفية الإسلامية في العالم.
وتفيد الدراسة ذاتها أن نشاط الفروع الإسلامية للبنوك التقليدية تفوق على المصارف الإسلامية ذاتها في وتيرة نموها حيث يشكل هذا النمو ثلاثة أضعاف ما حققته المصارف الإسلامية في الفترة الفاصلة ما بين 2003-2008 .
حصة مهيمنة
خليجيا، تشكل الفروع الإسلامية بالبنوك التقليدية نحو 30% من إجمالي الصيرفة الإسلامية بهذه المنطقة. وتستأثر السعودية بحصة مهيمنة، حيث يسيطر نشاط الفروع الإسلامية ضمن البنوك التقليدية لديها بنسبة 86%، حسب الدراسة الأميركية ذاتها. كما شهدت البنوك الإسلامية والتقليدية وتيرة أسرع في تباطؤ نموها مقارنة بالوتيرة المسجلة على مستوى الفروع الإسلامية ضمن البنوك التقليدية. وتمثل أصول المصارف الإسلامية نحو 22% من إجمالي الأصول المصرفية في منطقة الخليج.
وتشير في هذا الصدد الدراسة التي أنجزتها "ستاندرد أند بورز" أن نمو نشاط المصارف الإسلامية بلغ 35% عام 2008 مقارنة بـ40% سنة 2005 كما بلغ 12% في 2008 مقابل 20% لعام 2005 بالنسبة للبنوك التقليدية. في المقابل سجلت الفروع الإسلامية للمصارف التقليدية نموا بـ49% مقابل 55% بالفترة ذاتها.
وتعليقا على هذه المؤشرات، اعتبر منجزو هذه الدراسة "أن تدخل المصارف التقليدية في النشاط الإسلامي يشكل تهديدا ومنافسة شرسة للمصارف الإسلامية".
ومن دون اعتبار هذه المعايير المصرفية الفنية والأرقام المعبرة عن واقع هذه المنافسة غير المتوازنة بين قطاعي الفروع الإسلامية للمصارف التقليدية وبين المصارف الإسلامية، فإن بعض المراقبين الذين ينعتون هذا التجانس بـ"النفاق المصرفي"، يرون أن دخول المصارف التقليدية مجال النشاط الإسلامي، أفقد هذا النشاط جانبه الأخلاقي والديني الذي قام على أساسه، حيث لا يعقل أن ينضوي مثل هذا النشاط تحت لواء الصيرفة الربوية. كما يعتبر هؤلاء أن هذا السلوك قد يفقد النقد الإسلامي معاييره الأخلاقية ليصبح إسلاميا شكلا وربويا مضمونا.
تداعيات إقليمية
ويتوقع متخصصون في المجال المصرفي أن تمتد تداعيات قرار قطر إلغاء الفروع الإسلامية للمصارف التقليدية إلى دول الخليج التي تعتمد النشاط المصرفي الإسلامي بحكم انتمائها إلى الاتحاد الخليجي عبر ما يعرف بـ"مجلس التعاون لدول الخليج العربية" ، حيث إن هذا الانضواء يقتضي توحيدا في جميع المنظومات والقوانين الاقتصادية والاجتماعية، خاصة أن هذه الدول بصدد إرساء مصرفها المركزي الخليجي تمهيدا لإطلاق عملتها الموحدة. وعادة ما تصدر المصارف الخليجية قرارات موحدة في المجال النقدي حفاظا على استقرار عملاتها وتجهيزا لبنيتها التحتية على المستوى المصرفي. ويعد قرار منع المصارف الخليجية المركزية إقراض المشاريع العامة من أحدث القرارات الموحدة التي اتخذها الجهاز المصرفي الخليجي الذي يشرف على السوق النقدية في دول هذه المنطقة.
كما أن عضوية دول الخليج في مجلس الخدمات المالية الإسلامية العالمي من شأنه أن يدفع باقي دول الخليج لاتخاذ قرار مماثل لذلك المتخذ في دولة قطر، خاصة إذا اعتمد سندا شرعيا يقتضي مثل هذه الخطوة.
يشار إلى أن هناك فروعا إسلامية لمصارف خليجية قائمة في دول الخليج ضمن منظومة الاستثمارات البينية الخليجية، هذا من دون اعتبار فروع إسلامية لبنوك خليجية عملاقة في دول آسيوية وعربية.
كما يشهد هذا النشاط اهتمام مصارف غربية في سوق التمويل الإسلامي في منطقة الخليج من خلال إحداث فروع إسلامية لها، على غرار البنك البريطاني "إتش إس بي سي" و"بي إن بي باريبا" الفرنسي و"دويتشه بنك" الألماني.
على مستوى آخر، لا يستبعد مراقبون آخرون أن يؤدي قرار مصرف قطر المركزي إلى ظهور موجة تحوّل مصارف تقليدية إلى إسلامية نظرا لأهمية محفظة العملاء في هذا النشاط وللاهتمام المتزايد بهذه النوعية من التمويل على خلفية ربحية للبعض وأخلاقية للبعض الآخر.
وكانت مصارف خليجية قد تحولت بالكامل في السنوات الأخيرة إلى مصارف إسلامية بعدما كانت مصارف تقليدية على غرار "بنك دبي" الإماراتي و"بنك الكويت الدولي" عام 2007 وبنك "الجزيرة" السعودي عام 2004.
وبصفة عامة فإن هذه الخطوة قد تقطع مستقبلا الطريق، ومن منطلق تشريعي بالأساس، أمام الاقتصادات الغربية التي تحاول حاليا أخذ أكبر حصة ممكنة من كعكة الصيرفة الإسلامية بعد ضربة الأزمة المالية لها في السنوات الأخيرة، وهو ما تزامن مع قيام بنوك إسلامية في دول أوروبية تابعة ضمنيا لمصارف "ربوية".
كشفت صحيفة الشرق "القطرية" نهاية الأسبوع الماضي عن وثيقة داخلية أرسلها مصرف قطر المركزي إلى المصارف التقليدية يعلمها بقراره إغلاق كل فروع هذه المصارف ونوافذها الناشطة في مجال الصيرفة الإسلامية قبل نهاية السنة الحالية.
وقد فاجأ هذا القرار كل المصارف التقليدية في دولة قطر التي أضافت التمويل الإسلامي إلى نشاطها التقليدي أو "الربوي" منذ منتصف العقد الماضي بعد الحصول على موافقة السلطات الرسمية المشرفة على القطاع والمتمثلة أساسا في مصرف قطر المركزي.
وحسب البيان الصادر اليوم عن "المركزي" القطري فإن هذا الأخير اتخذ هذا القرار بالرجوع إلى قانون المصرف رقم 33 لسنة 2006 الذي نصّ على الفصل بين المصارف التي تمارس الأعمال المصرفية على أسس تقليدية والمصارف الإسلامية التي تمارس الأعمال المصرفية وفقا لأحكام المعاملات الإسلامية حسب التعريف الخاص بها في القانون والنظام المصرفي في دولة قطر. ويلاحظ أن سنّ هذا القانون تزامن مع موافقات له للسماح للمصارف التقليدية بممارسة نشاط الصيرفة الإسلامية.
في هذا الصدد أشارت المؤسسة المشرفة على السوق النقدية القطرية في بيانها اليوم إلى "أن ظهور الفروع الإسلامية للمصارف التقليدية هي ظاهرة حديثة أدت إلى الخلط بين نوعين متباينين من الموجودات والمطلوبات في المصرف الواحد وهو ما أدى إلى تعقيد عملية إدارة المخاطر في هذه المصارف".
كما كشف "المركزي" القطري في بيانه أنه يعكف حاليا على إعداد تعليمات مستقلة للمصارف الإسلامية بشأن نسبة كفاية رأس المال مقارنة بمخاطر نشاطها وفقا للمعايير الصادرة عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية بعد انتهاء هذا الأخير من إدخال التعديلات الجديدة عليها.
ويضم هذا المجلس العالمي، ومقره كوالالمبور في ماليزيا، في عضويته كل الدول تقريبا التي لها نشاط تمويلي إسلامي أو لديها مصارف إسلامية، وعلى رأسها ماليزيا واندونيسيا ودول الخليج ودول عربية مثل لبنان ومصر والسودان إضافة إلى تركيا ودول غربية عديدة. وهو عبارة عن هيئة دولية تضع معايير تطوير وتعزيز صناعة الخدمات المالية الإسلامية وذلك بإصدار معايير رقابية ومبادئ إرشادية لهذه الصناعة التي تضم بصفة عامة قطاع المصارف وسوق الأوراق المالية من أسهم وصكوك دين بالإضافة إلى نشاط التكافل أو التأمين الإسلامي.
وحسب البيان الصحفي ذاته، اعتبر "المركزي" القطري أن التمويل الإسلامي يتميز بمخاطر أكثر تشعبا وتعقيدا من التمويل التقليدي، خاصة فيما يتعلق بمخاطر العائد والسيولة والائتمان والسوق ولا سيما عمليات التمويل بالمضاربة والمشاركة والاستصناع والإجارة. كما تبين له أن هناك صعوبة وتعقيدا في إعداد تقارير مالية متجانسة للبنك التقليدي تجمع بين النشاط "الربوي" و"الإسلامي" وهو ما يصعب انتهاج هذه البنوك لمعايير دولية واحدة، وما يؤثر سلبا على التحليل المالي السليم لهذه التقارير على مستوى النظام المالي في دولة قطر، وعلى المستوى الإقليمي والدولي. وحول المنافسة اعتبر مصرف قطر المركزي أن تمتع المصارف التقليدية بميزة الجمع بين الأنشطة المصرفية التقليدية والإسلامية يخل بالتنافس الحر بين المصارف التقليدية والإسلامية كما يخل بقواعد الشفافية والإفصاح الموضوعي مما يشكل تحديا صعبا للمصارف الإسلامية من أجل المحافظة على استقرارها ومعدلات نموها، الأمر الذي ينعكس سلبا على استقرار النظام ككل.
تريليون دولار
وحسب أحدث دراسة قامت بها المؤسسة المالية "ستاندرد أند بورز" الأميركية فإن مجموع أصول البنوك والمؤسسات الإسلامية في العالم- التي يقدر عددها بنحو 500 مؤسسة - يناهز1 تريليون دولار. كما تتمتع هذه المؤسسات بسرعة نمو منذ منتصف العقد الماضي مقارنة بالبنوك التقليدية التي شهدت منحى تراجعيا خاصة في سنوات الأزمة المالية الأخيرة.
وتحتكر المصارف الإسلامية في دول الخليج باستثناء سلطنة عمان التي لم تدخل هذا النشاط ضمن منظومتها البنكية، تحتكر نحو ربع هذه الأصول بقيمة 289 مليار دولار تقريبا.
كما ساهمت هذه المؤسسات في تنشيط المجال المالي من خلال سوق سندات الدين الإسلامية أو ما يعرف بالصكوك والتي تقدر إصداراتها بنحو 100 مليار دولار، وتسيطر ماليزيا على 54 %منها، لتتصدر هذه الدولة - التي تمنع منظومة تجانس البنوك التقليدية ونظيرتها الإسلامية - الصناعية المصرفية الإسلامية في العالم.
وتفيد الدراسة ذاتها أن نشاط الفروع الإسلامية للبنوك التقليدية تفوق على المصارف الإسلامية ذاتها في وتيرة نموها حيث يشكل هذا النمو ثلاثة أضعاف ما حققته المصارف الإسلامية في الفترة الفاصلة ما بين 2003-2008 .
حصة مهيمنة
خليجيا، تشكل الفروع الإسلامية بالبنوك التقليدية نحو 30% من إجمالي الصيرفة الإسلامية بهذه المنطقة. وتستأثر السعودية بحصة مهيمنة، حيث يسيطر نشاط الفروع الإسلامية ضمن البنوك التقليدية لديها بنسبة 86%، حسب الدراسة الأميركية ذاتها. كما شهدت البنوك الإسلامية والتقليدية وتيرة أسرع في تباطؤ نموها مقارنة بالوتيرة المسجلة على مستوى الفروع الإسلامية ضمن البنوك التقليدية. وتمثل أصول المصارف الإسلامية نحو 22% من إجمالي الأصول المصرفية في منطقة الخليج.
وتشير في هذا الصدد الدراسة التي أنجزتها "ستاندرد أند بورز" أن نمو نشاط المصارف الإسلامية بلغ 35% عام 2008 مقارنة بـ40% سنة 2005 كما بلغ 12% في 2008 مقابل 20% لعام 2005 بالنسبة للبنوك التقليدية. في المقابل سجلت الفروع الإسلامية للمصارف التقليدية نموا بـ49% مقابل 55% بالفترة ذاتها.
وتعليقا على هذه المؤشرات، اعتبر منجزو هذه الدراسة "أن تدخل المصارف التقليدية في النشاط الإسلامي يشكل تهديدا ومنافسة شرسة للمصارف الإسلامية".
ومن دون اعتبار هذه المعايير المصرفية الفنية والأرقام المعبرة عن واقع هذه المنافسة غير المتوازنة بين قطاعي الفروع الإسلامية للمصارف التقليدية وبين المصارف الإسلامية، فإن بعض المراقبين الذين ينعتون هذا التجانس بـ"النفاق المصرفي"، يرون أن دخول المصارف التقليدية مجال النشاط الإسلامي، أفقد هذا النشاط جانبه الأخلاقي والديني الذي قام على أساسه، حيث لا يعقل أن ينضوي مثل هذا النشاط تحت لواء الصيرفة الربوية. كما يعتبر هؤلاء أن هذا السلوك قد يفقد النقد الإسلامي معاييره الأخلاقية ليصبح إسلاميا شكلا وربويا مضمونا.
تداعيات إقليمية
ويتوقع متخصصون في المجال المصرفي أن تمتد تداعيات قرار قطر إلغاء الفروع الإسلامية للمصارف التقليدية إلى دول الخليج التي تعتمد النشاط المصرفي الإسلامي بحكم انتمائها إلى الاتحاد الخليجي عبر ما يعرف بـ"مجلس التعاون لدول الخليج العربية" ، حيث إن هذا الانضواء يقتضي توحيدا في جميع المنظومات والقوانين الاقتصادية والاجتماعية، خاصة أن هذه الدول بصدد إرساء مصرفها المركزي الخليجي تمهيدا لإطلاق عملتها الموحدة. وعادة ما تصدر المصارف الخليجية قرارات موحدة في المجال النقدي حفاظا على استقرار عملاتها وتجهيزا لبنيتها التحتية على المستوى المصرفي. ويعد قرار منع المصارف الخليجية المركزية إقراض المشاريع العامة من أحدث القرارات الموحدة التي اتخذها الجهاز المصرفي الخليجي الذي يشرف على السوق النقدية في دول هذه المنطقة.
كما أن عضوية دول الخليج في مجلس الخدمات المالية الإسلامية العالمي من شأنه أن يدفع باقي دول الخليج لاتخاذ قرار مماثل لذلك المتخذ في دولة قطر، خاصة إذا اعتمد سندا شرعيا يقتضي مثل هذه الخطوة.
يشار إلى أن هناك فروعا إسلامية لمصارف خليجية قائمة في دول الخليج ضمن منظومة الاستثمارات البينية الخليجية، هذا من دون اعتبار فروع إسلامية لبنوك خليجية عملاقة في دول آسيوية وعربية.
كما يشهد هذا النشاط اهتمام مصارف غربية في سوق التمويل الإسلامي في منطقة الخليج من خلال إحداث فروع إسلامية لها، على غرار البنك البريطاني "إتش إس بي سي" و"بي إن بي باريبا" الفرنسي و"دويتشه بنك" الألماني.
على مستوى آخر، لا يستبعد مراقبون آخرون أن يؤدي قرار مصرف قطر المركزي إلى ظهور موجة تحوّل مصارف تقليدية إلى إسلامية نظرا لأهمية محفظة العملاء في هذا النشاط وللاهتمام المتزايد بهذه النوعية من التمويل على خلفية ربحية للبعض وأخلاقية للبعض الآخر.
وكانت مصارف خليجية قد تحولت بالكامل في السنوات الأخيرة إلى مصارف إسلامية بعدما كانت مصارف تقليدية على غرار "بنك دبي" الإماراتي و"بنك الكويت الدولي" عام 2007 وبنك "الجزيرة" السعودي عام 2004.
وبصفة عامة فإن هذه الخطوة قد تقطع مستقبلا الطريق، ومن منطلق تشريعي بالأساس، أمام الاقتصادات الغربية التي تحاول حاليا أخذ أكبر حصة ممكنة من كعكة الصيرفة الإسلامية بعد ضربة الأزمة المالية لها في السنوات الأخيرة، وهو ما تزامن مع قيام بنوك إسلامية في دول أوروبية تابعة ضمنيا لمصارف "ربوية".